للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأفضل. والله أعلم.

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: «يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ وَرَمَضَانَ». إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان، أو الأماكن، أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه، إما مطلقًا أو لخصوصيةٍ فيه لا يتفطن لها أكثر الناس، فيشتغلون بالمشهور عنه ويفوتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم.

وفيه دليل على استحباب عمارة أزمان غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله - عز وجل -، كما كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشاءين بالصلاة ويقولون: هي ساعة الغفلة، وكذلك فضل القيام في وسط الليل لشمول الغفلة لأكثر الناس فيه عن الذكر، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ» (١). ولهذا المعنى كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يؤخر العشاء إلى نصف الليل، وإنما علل ترك ذلك بخشية المشقة على الناس، ولما خرج - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه وهم ينتظرونه لصلاة العشاء قال لهم: «مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ غَيْرُكُمْ» (٢). وفي هذا إشارة إلى فضيلة التفرد بذكر الله في وقت من الأوقات لا يوجد فيه ذاكر له.


(١). سنن الترمذي برقم ٣٥٧٩، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وصححه الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح سنن الترمذي (٣/ ١٨٣) برقم ٢٨٣٣.
(٢). أخرجه البخاري برقم ٥٧٠، ومسلم برقم ٦٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>