للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرّائحة. ونظيره أنّ صلاة الجمعة فرض عين بشروطها، ومع ذلك تسقط بالسّفر. وهو في أصله مباح، لكن يحرم على من أنشأه بعد سماع النّداء.

وقال ابن دقيق العيد أيضاً: قد يستدلّ بهذا الحديث على أنّ أكل هذه الأمور من الأعذار المرخّصة في ترك حضور الجماعة، وقد يقال: إنّ هذا الكلام خرج مخرج الزّجر عنها , فلا يقتضي ذلك أن يكون عذراً في تركها إلاَّ أن تدعو إلى أكلها ضرورة. قال: ويبعد هذا من وجه تقريبه إلى بعض أصحابه، فإنّ ذلك ينفي الزّجر. انتهى

ويمكن حمله على حالتين، والفرق بينهما أنّ الزّجر وقع في حقّ من أراد إتيان المسجد، والإذن في التّقريب وقع في حالة لَم يكن فيها ذلك، بل لَم يكن المسجد النّبويّ إذ ذاك بني، فقد قدّمت أنّ الزّجر متأخّر عن قصّة التّقريب بستّ سنين.

وقال الخطّابيّ: توهّم بعضهم أنّ أكل الثّوم عذر في التّخلّف عن الجماعة، وإنّما هو عقوبة لآكله على فعله إذ حرم فضل الجماعة. انتهى

وكأنّه يخصّ الرّخصة بما لا سبب للمرء فيه كالمطر مثلاً، لكن لا يلزم من ذلك أن يكون أكلها حراماً، ولا أنّ الجماعة فرض عين.

واستدل المُهلَّب بقوله " فإنّي أناجي من لا تناجي " على أنّ الملائكة أفضل من الآدميّين.

وفيه نظرٌ، لأنّ المراد بمن كان - صلى الله عليه وسلم - يناجيه من ينزل عليه بالوحي وهو في الأغلب الأكثر جبريل، ولا يلزم من وجود دليل يدلّ على

<<  <  ج: ص:  >  >>