وأجيب: بمنع أنّه ليس حال ضرورة , بل هو حال ضرورة إذا أخبره بذلك من يعتمد على خبره , وما أبيح للضّرورة لا يسمّى حراماً وقت تناوله لقوله تعالى {وقد فصّل لكم ما حرّم عليكم إلَّا ما اضطررتم إليه} فما اضطرّ إليه المرء فهو غير محرّمٍ عليه كالميتة للمضطرّ. والله أعلم.
وما تضمّنه كلامه , من أنّ الحرام لا يباح إلَّا لأمرٍ واجبٍ. غير مسلّمٍ، فإنّ الفطر في رمضان حرام , ومع ذلك فيباح لأمرٍ جائز كالسّفر مثلاً.
وأمّا قول غيره , لو كان نجساً ما جاز التّداوي به لقوله - صلى الله عليه وسلم -: إنّ الله لَم يجعل شفاء أمّتي فيما حرّم عليها. رواه أبو داود من حديث أمّ سلمة , والنّجس حرام فلا يتداوى به؛ لأنّه غير شفاء.
فجوابه: أنّ الحديث محمولٌ على حالة الاختيار، وأمّا في حال الضّرورة فلا يكون حراماً كالميتة للمضطرّ.
ولا يرد قوله - صلى الله عليه وسلم - في الخمر: إنّها ليست بدواء , إنّها داء. في جواب مَن سأله عن التّداوي بها , فيما رواه مسلم , فإنّ ذلك خاصّ بالخمر ويلتحق به غيرها من المسكر.
والفرق بين المسكر وبين غيره من النّجاسات , أنّ الحدّ يثبت باستعماله في حالة الاختيار دون غيره؛ ولأنّ شربه يجرّ إلى مفاسد كثيرةٍ , ولأنّهم كانوا في الجاهليّة يعتقدون أنّ في الخمر شفاءً , فجاء الشّرع بخلاف معتقدهم، قاله الطّحاويّ بمعناه.