للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النّظر عليه إلى أن حضرته الوصيّة فكتب حينئذٍ الكتاب.

ويحتمل: أن يكون أخّر وقفيّته , ولَم يقع منه قبل ذلك إلَّا استشارته في كيفيّته.

وقد روى الطّحاويّ وابن عبد البرّ من طريق مالك عن ابن شهاب قال: قال عمر: لولا أنّي ذكرتُ صدقتي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرددتُها.

فهذا يشعر بالاحتمال الثّاني , وأنّه لَم ينجّز الوقف إلَّا عند وصيّته.

واستدل الطّحاويّ: بقول عمر هذا لأبي حنيفة وزفر , في أنّ إيقاف الأرض لا يمنع من الرّجوع فيها، وأنّ الذي منع عمر من الرّجوع كونه ذكره للنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فكره أن يفارقه على أمر ثمّ يخالفه إلى غيره.

ولا حجّة فيما ذكره من وجهين:

أحدهما: أنّه منقطع , لأنّ ابن شهاب لَم يدرك عمر.

ثانيهما: أنّه يحتمل ما قدّمته. ويحتمل: أن يكون عمر كان يرى بصحّة الوقف ولزومه إلَّا إن شرط الواقف الرّجوع فله أن يرجع.

وقد روى الطّحاويّ عن عليٍّ مثل ذلك فلا حجّة فيه لمَن قال: بأنّ الوقف غير لازم مع إمكان هذا الاحتمال.

وإن ثبت هذا الاحتمال كان حجّة لمَن قال: بصحّة تعليق الوقف. وهو عند المالكيّة , وبه قال ابن سريج.

وقال: تعود منافعه بعد المدّة المعيّنة إليه ثمّ إلى ورثته، فلو كان التّعليق مآلاً صحّ اتّفاقاً كما لو قال: وقفته على زيد سنة ثمّ على الفقراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>