يمتدّ شهراً، وأني مجّدت العراق أكثر من أبنائه ووصفت أيامه؟ وكذلك فعل أخي في السفر والحضر رفيق العمر أنور العطّار، رحمة الله عليه، الذي نظم في العراق ديواناً كاملاً. وهاكم مثالاً أكمل: الصديق الدكتور زكي مبارك رحمه الله، الذي ألّف كتباً عن العراق.
بذرة صغيرة أنبتَت دوحة عظيمة؛ مدرّس أديب يُرسَل من بلد إلى بلد فيؤلّف بين البلدَين ويؤاخي بين أهليهما، ويكسب الأدب بعد ذلك روائع طالما عجزَت عن الإتيان بمثلها الأقلام. فألزِموا أدباء بغداد أن يزوروا دمشق، وأدباء دمشق أن يزوروا بغداد، وأدباء مصر أن يزوروا البلاد العربية كلها، وأدباء كل قطر من أقطار الإسلام أن يزوروا الأقطار الأخرى، لكن لا تكلّفوهم مالاً فالأدباء مفلسون، بل قدّموا لهم وسائل السفر وأنزلوهم ضيوفاً، رغّبوهم وأطلقوا بالعطايا ألسنتهم تأخذوا منهم أكثر ممّا أعطيتموهم؛ تأخذوا أدباً يبقى على حين يذهب المال، أدباً طالما بنى ووحّد وأقام دولاً وهوى بدول.
وهل في الدنيا شيء بعد الدين أعظم من الأدب؟ إنه كلام ولكنه كلام يجرّ فعالاً. إنه كلام ولكنه يقيمكم إن كنتم قاعدين ويُقعِدكم إن كنتم قائمين، ويدفع بكم إلى الموت ويأخذ بأيديكم إلى الحياة ... وكذلك يتصرّف الأدباء بالناس. سيّروا البعثات المدرسية بين هذه البلاد دواماً، لا تملّوا حتى لا يبقى في كلّ بلد تلميذ لم يرَ البلاد الأخرى، ولتُخصّص كل إذاعة موعداً دائماً للكلام عن البلدان الأخرى، وكذلك فلتصنع صحف كل