ولئن كانت بعض الشعوب الأخرى كذلك يحطون من شأن المجتمع الصناعي لأنه يقضي على القيم الإنسانية في رأيهم.
فإن الإسلام يشيد بالعمل في شتى ميادينه المشروعة، ويعتبر ضروب السعي للمعاش لونا من العبادة، ويرغب فيه، ويحث عليه، ويعتبره من أفضل الأعمال والقربات التي يُؤجَر المرء عليها، وهو فرض على الكفاية بالنسبة لجميع المسلمين، إذ لا بد أن يكون في المجتمع المزارع والتاجر والصانع والموظف، ومن يقوم على كل صغيرة وكبيرة من أحقر الأعمال أعظمها؛ وإلا أثموا جميعاً وتعطلت حياتهم.
ومع هذه الحوافز الإسلامية، فإننا نجد المسلمين في الركب المتأخر في ميدان الصناعة والحضارة المادية وأصبحوا عالة على غيرهم، وهم أصحاب الحضارة العريقة والتاريخ المجيد، وعلى كواهلهم قامت الحضارة الأوروبية المعاصرة.
رابعًا: التجارة:
وقد أشاد الإسلام بالتجارة ورغب فيها، وحث عليها، واعتبرها تسعة أعشار الرزق، ونوه بتجارة قريش في الجاهلية في قوله تعالى:{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ* إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ* فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}[قريش].
كما دعا الإسلام إلى سلوك جميع السبل الداخلية والخارجية، واستخدام وسائل النقل البرية والبحرية والجوية، بحشد الطاقات وحفز الهمم في مجال التنمية والتجارة العالمية.