للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كالقَطْرَةِ بالنسبة إلى البحر المحيطِ الأعظم.

* * *

٤٤٣٨ - وعَنْ أُبَيِّ بن كَعْبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الغُلامَ الَّذي قَتَلَهُ الخَضرُ طُبعَ كَافِرًا، ولوْ عَاشَ لأَرهَقَ أبويهِ طُغيانًا وكُفرًا".

قوله: "إنَّ الغلامَ الَّذي قتلَه الخَضرُ طُبعَ كَافرًا، ولو عاش لأرهقَ طغيانًا وكفرًا".

(طُبعَ)؛ أي: خُلِقَ، (رَهِقَه): غشيه، (أَرْهَقَه طغيانًا): أغشاه؛ يعني: لو عاش الغلامُ المقتولُ لظهر منه الكُفْرُ والطغيان طَبْعًا، لأنه كان مَجْبولًا على الكفر.

أما اعتراض موسى على الخَضر - عليهما السلام - بعد القتل، بقوله {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً}؛ أي: طاهرة معصومةً على ظاهرِ الأمر، {بِغَيْرِ نَفسٍ} [الكهف: ٧٤]؛ أي: إنْ قَتَلَ نفسًا فاقتصَّ فسائغٌ من حيث الظاهر، بل واجبٌ على الأنبياء ألَّا يتجاوزوا عن ظاهرِ الشرع، ولا يصبرُوا على الأشياء المنكَرة، وَكان ظاهرُ الحال يَحْكُمُ بعصمته.

فلهذا قال سبحانه حكايةً عن الخَضر مخاطبًا لموسى عليهما السلام: {كَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبُرًا} [الكهف: ٦٨]؛ أي: عِلْمًا، تمهيدًا لعذره في ترك الصبر، لأن فِعْلَه قد عدلَ عن الظاهر، لكنْ من حيثُ الحقيقةُ كان الخَضرُ غيرَ مُلامٍ بقتله، لأنه قد كُشِفَ له من عند الله سبحانه أنه مستحِقٌّ القَتْلَ، وقد ظهرَ له ذلك بنور القلب.

قال الله تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَدُّنَا عِلْمًا} [الكهف: ٦٥]؛ أي: علمَ الباطن، إن قيل: ما الحكمة أن الخَضرَ عليه السلام اطَّلَعَ على هذا الغيب ولم يطَّلِعْ عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>