للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أو كان عوفي وحُفِظَ من الصَّعْق العامِّ يومَ القيامة بدلًا من الصَّعْقِ الذي أصابه في الطُّور، قال الله تعالى: {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: ١٤٣].

قوله: "لا تُخَيرُوا بين الأنبياء"، وفي رواية: "لا تفضلُوا بين أنبياء الله"، قال في "شرح السنة": ليس معنى النفي عن التخيير أن يعتقدَ التسويةَ بينهم في درجاتهم، بل معناه تركُ التخيير على وجه الإِزْراء ببعضهم، فإنه يكون سببًا لفساد الاعتقاد في بعضهم، وذلك كفر.

الإزراء: العيب.

وتلخيص المعنى: أن تفضيلَ الأنبياء - صلوات الله عليهم - بعضَهم على بعض لا شكَّ فيه، كقوله سبحانه: {تِلْكَ الْرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: ٢٥٣]، وقوله تعالى على سبيل العموم: {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [الأنعام: ١٦٥]، وفي حديث المعراج: أنه رأى بعضَ الأنبياء في السماء الثانية، وبعضَهم في الرابعة، وبعضَهم في السادسة.

والمراد رفعةُ الدرجات، وحيث قال: "لا تفضلُوني على يونس بن متَّى" وهو هضْمٌ لنفسه، وتواضُعٌ لها.

قوله: "لا تفضلوا بعضَ الأنبياء على بعض"، حيث رأى في ذلك مجادلةً بين أصحابه، وثورانَ فِتنة، فمنعَهم من ذلك لأجل الفساد، وأيضًا إنما منعَهم من التخيير؛ لأن المخِّيرَ لا بدَّ أن يكونَ عالمًا بدرجات التخيير، وأما كيفيةُ التَفْضيل فبأن يَفْهَمَ معنى النبوة.

ومعناها - والله أعلم -: الكمالُ في نفسه، وتكميلُ الناقِصين, وأصولُ الكمال أربعةٌ: العلمُ والفقه والشجاعةُ ببذل النفس والمال.

فإن السخاءَ قِسْمٌ من الشجاعة، والعدالة في هذه الأخلاق، فإن الوسطَ محبوسٌ بطرفين، هما ذيلان، وهذه الأربع يتشَّعبُ كلُّ واحدةٍ منها إلى شُعَبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>