فلطَمَ وَجْهَ اليَهُوديِّ، فَذَهبَ اليَهُودِيُّ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فأخبَرَهُ بِمَا كانَ منْ أَمْرِهِ وأَمْرِ المُسلِمِ، فدَعا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المُسلِمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذلكَ، فأخبَرَه، فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُخيروني على موسَى، فإن النَّاسَ يَصْعَقُونَ يومَ القِيامَةِ فَأُصْعَقُ مَعَهُم فأكون أوَّلَ من يُفيقُ، فإذَا موسَى باطِشٌ بجانِبِ العَرشِ، فلا أَدْرِي كانَ فيمَنْ صَعِقَ فأفاقَ قَبْلِي، أوْ كَانَ مِمَّنْ استَثْنَى الله".
وفي رِوَايَةٍ:"فَلَا أَدْرِي أحُوسِبَ بصَعقةِ يَومِ الطُّورِ أَوْ بُعِثَ قَبْلِي، ولا أَقُولُ إنَّ أَحَدًا أَفضَلُ مِنْ يونُسَ بن مَتَّى".
وفي رِوَايَةٍ:"لا تُخيروا بينَ الأَنبياءِ".
وفي رواية:"لا تُفضلُوا بَيْنَ أَنْبياءِ الله".
قوله:"استبَّ رجلٌ من المسلمين ورجلٌ من اليهود"، (استبَّ): افتعل مِن (سَبَّ)، إذا جرى الشتمُ بين اثنين فصاعدًا، وفاعل (افتعل) متعدِّدٌ؛ أي: أكثرُ من واحد، يقول: اشترك زيدٌ وعمرو.
قوله:"لا تخيرُوني على موسى" إلى قوله: "فأصعق معهم".
(التخيير): التفضيل.
(صعِق - بكسر العين - يصعَق - بفتحها - صعقة): إذا غُشِيَ عليه.
يعني: لا تفضلُوني على موسى، فإن الناس يصيرون مَغْشِيًّا عليهم يوم القيامة، وأكون أيضًا في الغَشْيَةِ معهم، لكني أولُ أحدٍ أَفيقُ.
"فإذا موسى باطِشٌ بجانب العرش"؛ أي: متعلِّقٌ به بقوَّة، فلا أدري أنَّه - صلى الله عليه وسلم - حين شاهدَ الإصعاق استوثقَ من إمساكِ العرش لينجوَ من الإصعاق، أو كان فيمن صار مغشيًا عليه معنا، فأفاقَ قبلي، أو كان من الذين استثناهم الله تعالى في قوله:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}[الزمر: ٦٨].