لا نهايةَ لها، وهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا أنا، إلا أن يتغمَّدني الله برحمته وفضله".
ومفهوم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إلا أن يتغمدني الله برحمته": أن نعيم الجنة هو الإنعام العظيم الذي لا توازيه طاعاتُ جميع الخلائق، ولو عُمَّروا ألوفًا، وإذا كان ذلك متناهيًا، ونعيم الجنة لا يتناهى، والمتناهي لا يقابل غيرَ المتناهي، فلا يتساويان، فلا بد من تداركِ الرحمةِ، ولو من كان، وأيضًا فطاعته في الدنيا صدرَتْ منه بتوفيقِ الحقَّ، فقد تقابلا، وزاد إعطاءَ الرزق والسلامة له، وهدايته، فقد تهدَّرت الطاعة في الدنيا، فخرج العبد يوم القيامة مُفِلسًا، والمفلسُ لا يستحقُّ شيئًا على أحد، فكيف يستحق مقعد صدق عند مليك مقتدر؟! فلا بد من تدارك الرحمة.
والكافر لم يعمل حسنةً قط، ولا شكر الرزاق، ولا اهتدى، فكان مفلسًا في الدنيا من كلَّ الوجه، فلم يستحقَّ في الآخرة إلا أشد العذاب بما فرَّط من الجنايات العظيمة وكفران الخالق.
قوله:"تطاير الصحف": أصله: تتطاير، (تطاير الشيء): تفرق، ذكره في "الصحاح".
(الصحف): جمع صحيفة، وهي الكتاب.
أما معناه: فإما إيصالُ الأجزية إلى أصحابها، فيُعطَى كلُّ ذي حقًّ حقه؛ إساءةً كانت أو إحسانًا، وإما تعريفُ كلَّ واحد منه ما يستحقه من بشارة أو خزي.
قوله:"فآخذ بيمينه، وآخذ بشماله"؛ يعني: فبعضُهم يأخذ ذلك الكتاب بيمينه، وبعضهم يأخذُ بشماله، أما الذي يأخذه بيمينه بفضله ورحمته، فهو من أهل السعادة، وأما الذي يُجبَرُ أن يأخذَهُ بشماله، فهو من أهل الشقاوة،