للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قوله: "دَعُوا الناسَ يرزقُ الله بعضَهم من بعضٍ"، (دَعُوا)؛ أي: اتركوا؛ يعني: لا يجوز لحاضر أن يمنعَ الباديَ من أن يبيعَ متاعَه كيف يشاء في السوق، فإنه لو منعَه عن البيع وقال: دَعْ متاعَك عندي لأبيعَه قليلًا قليلًا وأزيدُ في ثمنه فقد فوَّت ربحَ الناس ورزقَهم، ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: (دعوا الناس)؛ أي: اتركوا الناسَ ليبيعوا متاعَهم رخيصًا؛ ليرزقَ الله بعضَ الناس بواسطة بعضٍ.

* * *

٢٠٨٦ - وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه - قال: نَهَى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لِبْسَتَيْنِ وعنْ بَيْعَتَيْن، نَهَى عَنِ المُلامَسَةِ والمُنابَذَةِ في البَيْعِ، والمُلامَسَةُ لَمْسُ الرَّجُلِ ثَوْبَ الآخَرِ بيَدِهِ باللَّيل أو بالنَّهارِ ولا يُقَلِّبُهُ إلَاّ بذلِكَ، والمُنابَذَةُ أنْ يَنْبذَ الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ بثَوْبهِ وينبذَ الآخرُ ثَوْبَهُ، ويكُونَ ذلكَ بَيْعَهُما عنْ غَيْرِ نَظَرٍ ولا تَراضٍ، واللِّبْسَتَيْنِ: اشْتِمالُ الصَّمَّاءِ، والصَّمَّاءُ أنْ يجعلَ ثوْبَهُ على أحَدِ عاتِقَيْهِ فيَبْدُوَ أحَدُ شِقَّيْهِ ليسَ عليهِ ثوبٌ، واللِّبْسَةُ الأُخرَى احتِباؤُهُ بثَوْبهِ وهو جالِسٌ ليسَ على فرجِهِ منهُ شَيءٌ.

قوله: "نهى عن لِبْسَتَين وعن بَيعتَين"؛ يعني: نهى عن أن يَلبَسَ الرجلُ على صورة الصمَّاء، ونهى عن أن يَلبَسَ على صورة الاحتباء، ويأتي ذكرهما، ونهى أن يبيعَ على صورة المُلامَسَة، وعن أن يبيعَ على صورة المُنَابَدَة، ويأتي ذكرهما.

قوله: "ولا يَقلبُه إلا بذلك"؛ يعني: لا يلمسُ ذلك المتاعَ إلا للبيع؛ يعني: لم يُرِدِ المشتري ذلك المتاعَ، ولم يَجْرِ بينهما إيجابٌ وقَبولٌ, بل قال البائع: إذا لمستَ المتاعَ فقد وجبَ لك البيعُ بكذا دينار، فلمسَه المشتري على أن يكون اللمسُ بيعًا؛ هذا البيعُ باطلٌ؛ لأنه تعليقُ البيعِ إلى اللمس، وتعليقُ البيعِ غيرُ جائزٍ، وأن الإيجابَ والقَبولَ يكون بالقول لا بفعل اللمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>