للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإذ قد تقرر هذا فلنذكر أمورا:

منها: أن الشيخ قال (١): إن المصنف أهمل أحد وجهي الرفع، قال: وذلك أنهم ذكروا أن الرفع على وجهين:

أحدهما: أن يكون ما بعد «حتى» مشروعا فيه وهو الحال، أو متمكنا منه غير ممنوع منه وهو المؤول بالحال.

والوجه الثاني: أن يكون ما قبلها سببا لما بعدها ويكونان متصلي الوقوع في ما مضى، لا مهلة بينهما بل الثاني واقع عقيب الأول نحو: سرت حتى أدخل المدينة أي: سرت فدخلت المدينة، فيكون معناها كمعنى الفاء. انتهى.

وأقول: إن هذا داخل تحت قوله: أو مؤوّلا به لأن المقصود منه حكاية الحال التي كان متلبسا بها.

ومنها: أنه قد دخل تحت قول المصنف: فإن دلّ على حدث غير واجب نحو: ما سرت حتى أدخل المدينة، وقلّما سرت حتى أدخلها، إذا أردت بـ «قلما» النفي المحض، و: أسرت حتى تدخلها؟ وقد عرفت المقتضي لوجوب النصب، وعرفت أن الأخفش يجيز الرفع فقيل: المسألة مسألة خلاف بين سيبويه والأخفش، وقيل:

ليست مسألة خلاف كما سيتأتى الإشارة إلى ذلك في كلام ابن عصفور؛ لأن الوجه الذي منع سيبويه الرفع به غير الوجه الذي جوز الأخفش الرفع به، والوجه الذي منع سيبويه به هو أن نفي السير لا يكون سببا للدخول (٢)، والوجه الذي جوز به الأخفش هو أن يكون أصل الكلام واجبا وهو: سرت حتى أدخل المدينة، ثم أدخلت أداة النفي على الكلام بأسره فتنفي أن يكون عنك سير كان عنه دخول، فكأنك قلت: ما وقع السير الذي كان سببا لدخول المدينة (٣)، ومن ثمّ قال السيرافي: والذي عندي أن أبا الحسن أراد: أن «ما» تدخل على «سرت حتى أدخلها» بعد وجوب الرفع فتنفي جملة الكلام الى آخر كلامه الذي تقدم ذكره. -


(١) انظر: التذييل (٦/ ٧١٤).
(٢) انظر: الكتاب (٣/ ٢٢، ٢٣).
(٣) انظر: التذييل (٦/ ٧١٦)، ومنهج الأخفش (ص ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>