للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تعيّن النصب من جهة أن «كان» تحتاج إلى خبر وليس ثمّ ما يصلح للخبر إلا قولك: «حتى أدخلها» ولا يصح أن يكون خبرا إلا أن يكون في تقدير الجار والمجرور، وإذا كان كذلك فالنصب واجب ولا يجوز الرفع على التأويل بالحال وجعل «حتى» ابتدائية؛ لئلا تبقى «كان» بلا خبر، وذلك أن «حتى أدخلها» جملة مستقلة بالإخبار بها لا تصلح أن تكون خبرا لـ «كان» لفقدان الضمير العائد، ولفصل «حتى» بين الاسم وما وقع خبرا عنها، فإن زدت «أمس» وعلقته بـ «كان» بأن جعلته خبرا، أو قلت: سيرا متعبا وجعلته أيضا خبرا جاز الوجهان؛ لأنك لم تضطرّ هنا إلى خبر حتى يجب النصب.

ومثال كونه غير متسبب عما قبل «حتى» ما إذا كان الدخول من شخص والسير من آخر فقلت: كنت سرت حتى يدخلها زيد، فينصب على التأويل بالمستقبل وجعل «حتى» جارة، والمعنى: إلى أن يدخلها زيد، ولا يجوز الرفع على الحال وجعل «حتى» ابتدائية؛ لأن «حتى» الابتدائية لا تخلو من معنى السببية، وسيرك لا يكون سببا لدخول غيرك.

ومثال كون محله غير صالح للابتداء: ما إذا أردت بيان الغاية فقلت: كنت سرت حتى أدخلها فتنصب على معنى: إلى أن أدخلها، ولا يجوز الرفع؛ لأن الغاية حرف جر، وحرف الجر لا يليه المبتدأ والخبر فلا يليه الفعل المرفوع.

وليعلم أنه إنما التزمت السببية حال الرفع ولم تلتزم مع النصب؛ لأن الكلام حال الرفع جملتان فاحتيج إلى الربط بينهما، ولا صالح للربط في هذا المحل إلا السببية فكانت ملتزمة ولالتزام السببية مع رفع الفعل وجب النصب في قولك: أسرت حتى تدخلها؟ وامتنع الرفع لأنه لا بد أن يكون مسببا عن الأول سببا محققا، ولا يستقيم أن يكون المسبب محققا ثابتا والسبب مشكوك فيه مسؤول عن وقوعه، أما إذا قيل: أيهم سار حتى يدخلها؟ فإن الرفع جائز؛ لأن السير هاهنا متحقق وإنما المسؤول عنه صاحبه، ويجوز أن يتحقق مسبب السير والسير ويجهل صاحبه فيسأل عنه، وكذا لالتزام السببية مع الرفع وجب النصب في نحو: ما سرت حتى أدخلها؛ لأن عدم السير لا يكون سببا للدخول، وسيأتي الكلام على خلاف الأخفش حيث أجاز الرفع. -

<<  <  ج: ص:  >  >>