للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأقول: إن هذا الأمر هو الظاهر، وهو أن لا خلاف بين الإمامين، فالذي اعتبره سيبويه لا يمنعه الأخفش والذي اعتبره الأخفش لا يمنعه سيبويه، لكنهم اتفقوا على أن الرفع غير مسموع في ذلك وأن الأخفش إنما أجاز ذلك بالقياس، ونقلوا (١) أن الأخفش كان يقول: إن الرفع في النفي جائز في القياس إلا أن العرب لم تستعمله، قالوا: فإذا كان معترفا بأن العرب لم تستعمله لم يجب أن يلتفت إليه لأنا إنما نتكلم بما تكلمت به العرب ولسنا نحدث [٥/ ١٤١] لغة.

ومنها: أن الشيخ ذكر في شرحه (٢): أن بعض النحويين تكلم على «حتى» كلاما طويلا بالنسبة إلى سائر أحوالها من كونها جارة للاسم وداخلة على الفعل وعاطفة وابتدائية قال: ونحن نلخص من كلامه ما يليق بمسائل هذا

الشرح من كونها تدخل على الفعل غاية أو سببية يصلح مكانها «كي»، أو سببية بمعنى «الفاء» أو غير سببية، وربما انجر مع ذلك مسائل من كونها جارة أو عاطفة، ثم إنه (٣) شرع في إيراد ذلك، وأطال الكلام وذكر ما يعسر ضبطه، وإذا حقق الناظر نظره رأى أن غالب ما يذكر مستغنى عنه بما قد تقرر من أحكام «حتى» التي تقدمت الإشارة إليها في هذا الفصل.

وبعد: ففي ما ذكره الجماعة (٤) كفاية، فأنا أقتصر عليه، وهو أنهم ذكروا أن «حتى» حرف غاية وتأتي في الكلام على ثلاثة أضرب: عاطفة، وابتدائية، وجارة، فالعاطفة ذكرت في باب «العطف»، والجارة ذكرت في باب «حروف الجر».

وأما الابتدائية فإنها تدخل على جملة مضمونها غاية لشيء قبلها، والجملة قد تكون اسمية كقول الشاعر:

٣٩٢٧ - فما زالت القتلى تمجّ دماءها ... بدجلة حتّى ماء دجلة أشكل (٥)

-


(١) نقل ذلك أبو حيان عن أبي محمد بن السيد البطليوسي. انظر: التذييل (٦/ ٧١٩).
(٢) انظر: التذييل (٦/ ٧٢٠).
(٣) أي: الشيخ أبو حيان. انظر: التذييل (٦/ ٧٢٠) وما بعدها.
(٤) أي: المغاربة وسوف يذكر المؤلف كلام ابن عصفور في المقرب وشرح الجمل إجمالا ثم يذكر ذلك تفصيلا نقلا عن الكتابين المذكورين.
(٥) هذا البيت من الطويل قاله جرير بن الخطفى من قصيدة يهجو بها الأخطل ديوانه (١/ ١٤٣). -

<<  <  ج: ص:  >  >>