كونها جارة؛ لأن الجارة لا تدخل عليه إلا مع تقدير «أن» و «أن» لا تنصب الحال.
وإذا كان الفعل المذكور ماضي المعنى فهو إما أن يؤول بمستقبل نظرا إلى أنه غاية لما قبل «حتى» فينصب؛ لأنه مستقبل بالنسبة إلى ما قبله فيعطى حكم المستقبل، وإما أن يؤول بحال على قصد الإخبار بمضي ما قبل «حتى» وحكاية الحال في ما بعدها فيرفع؛ لأنه بهذا الاعتبار حال فيعطي حكم الحال، وإذا كان كذلك فليس الأمران - أعني التأويل بمستقبل والتأويل بحال - راجعين إلى اختيار المتكلم، بل إلى ما يقصد إما من الغاية، أو من حكاية الحال. وإنما الواقع بعد «حتى» حالا أو مؤولا بالحال إذا كان الكلام الذي بعدها فضلة متسببا عما قبلها، ذا محل صالح للابتداء، وعلامة ذلك صلاحية جعل «الفاء» مكان «حتى» وذلك نحو قولك: [٥/ ١٤٠] كان سيري حتى أدخلها، إذا جعلت «كان» تامة فـ «حتى» فيه حرف ابتداء، والفعل بعدها مرفوع لأنه مؤول بالحال، والشروط الثلاثة موجودة لأن الكلام الذي قبل «حتى» قد تمّ فما بعد «حتى» فضلة أي: غير محتاج إليه في تكملة الكلام المتقدم، ولأن الدخول متسبب عن السير ولأن المحل صالح للابتداء؛ لأن المعنى: فأنا أدخلها، وقد صلحت «الفاء» في هذا التركيب لوقوعها موقع «حتى».
ثم الحال قد تكون محققة وقد تكون مقدرة، كما أن الاستقبال يكون كذلك فمثال الحال تحقيقا: أن تكون قد سرت وأنت داخل فتقول: سرت حتى أدخل البلد، مخبرا عن الدخول الحاصل حالا تحقيقا، ومثال الحال تقديرا: أن يكون السير والدخول قد وقعا جميعا وقصد إلى الإخبار بالدخول الواقع في الوجود إلا أنك قصدت حكاية الحال وقت وجوده فتقول: سرت أمس حتى أدخل المدينة، فتكون مخبرا عن سير حصل عنه دخول في الوجود وحاكيا للحال.
أما إذا كان غير فضلة، أو غير متسبب عما قبل «حتى»، أو محله غير صالح للابتداء، فإن نصب الفعل حينئذ متعين لكونه مستقبلا أو مؤولا به، فمثال كونه غير فضلة: وقوعه بعد اسم «كان» الناقصة كقولك: كان سيري حتى أدخلها، فينصب على التأويل بالمستقبل وجعل «حتى» جارة في موضع خبر «كان»، وإنما -