للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أما الأول: فهو أنك قد عرفت أن مذهب سيبويه أن «لا» حال تركيب الاسم معها لا عمل لها في الخبر، وأنه حينئذ مرفوع بما كان مرفوعا به قبل دخول «لا»، وقد علل ذلك بأن شبهها بإنّ ضعف حين ركبت، وصارت كجزء كلمة وجزء الكلمة لا يعمل (١)، ومقتضى هذا أن يبطل عملها في الاسم والخبر، لكن أبقي عملها في أقرب المعمولين، وجعلت هي ومعمولها بمنزلة مبتدأ، والخبر بعدها على ما كان عليه قبل التجرد. وإذا كان كذلك، فلم يثبت عمل «لا» في المعرفة (٢).

وأما الثاني: فلا نسلم أن اسم «لا» هو المستثنى منه وذلك لأن الاسم المعظم إذا كان خبرا كان الاستثناء مفرغا، والمفرغ هو الذي لم يكن المستثنى منه فيه مذكورا، نعم الاستثناء فيه إنما هو من شيء مقدر لصحة المعنى، ولا اعتداد بذلك المقدر أصلا. ولا خلاف يعلم في نحو: ما زيد إلا قائم، أن قائم خبر عن زيد، ولا شك أن «زيدا» فاعل في قولنا ما قام إلا زيد (٣)، فعلى هذا لا منافاة بين كون الاسم المعظم خبرا عن اسم قبله، وبين كونه مستثنى من مقدر، إذ جعله خبرا منظور إلى جانب اللفظ، وجعله مستثنى منظور فيه إلى (٤) جانب المعنى.

وأما الثالث: فهو أن يقال إن قولكم: إن الخاص لا يكون خبرا عن العام مسلم لكن في: «لا إله إلا الله» لم يخبر بخاص عن عام، لأن العموم منفي والكلام إنما سيق لنفي العموم، وتخصيص الخبر المذكور بواحد من أفراد ما دلّ عليه اللفظ (٥) العام.

وأما الأقوال الثلاثة الأخرى: فأحدها: أن «إلا» ليست أداة استثناء، وإنما هي بمعنى غير، وهي مع الاسم المعظم صفة لاسم «لا» باعتبار المحل. ذكر ذلك الشيخ عبد القاهر الجرجاني (٦) عن بعضهم، والتقدير على هذا: لا إله غير الله في -


(١) الكتاب (٢/ ٢٧٤ - ٢٧٥).
(٢) اعترض ابن هشام على هذا الجواب فقال: والذي عندي أن سيبويه يرى أن المركبة لا تعمل في الاسم أيضا، لأن جزء الشيء لا يعمل فيه، وأما: «لا رجل ظريفا» بالنصب فإنه عند سيبويه مثل «يا زيد الفاضل» بالرفع. اه. مغني اللبيب (٢/ ٥٧٣).
(٣) زاد في ب بعد قوله «ما قام إلا زيد»: «ومع أنه مستثنى من مقدر في المعنى التقدير ما قام أحد إلا زيد».
(٤) ينظر حاشية الخضري (١/ ٢٠٣).
(٥) ينظر المرقاة في إعراب لا إله إلا الله ورقة (٧٤) لابن الصّائغ.
(٦) سبقت ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>