للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "لقد تحجرت واسعًا"؛ من الحجر وهو المنع، ومعناه اعتقدت المنع فيما لا منع فيه من رحمة الله تعالى.

وفي بعض ألفاظه: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا تزرموه بوله": أي لا تقطعوا عليه بوله، والإزرام: القطع.

فيه (١) أن الاحتراز عن النجاسة وتجنبها أمر مقرر (٢) في نفوس جملة الشرع، وفيه المبادرة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيه أمر زائد على الإنكار (٣) وهو المبادرة إلى ذلك، والغلظة فيه، واستعمال القوة، مستفاد ذلك من قوله: فأسرع الناس إليه أي إلى الإنكار عليه، وفيه مبادرة الصحابة إلى الإنكار بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير مراجعة له، وليس ذلك من باب التقدم بين يدي الله ورسوله لما تقرر (٤) عندهم في الشرع من مقتضى الإنكار، فأمر الشارع (٥) متقدم على ما وقع منهم في ذلك، وإن لم يكن عندهم في هذه الواقعة الخاصة إذن، فيدل على أنه لا يشترط الإذن الخاص ويكتفى بالعام.

وقد اختلف في التمسك بالعام قبل البحث عن المخصص، هل هو سائغ أو لا؟ فالمحكي عن ابن سريج أنه لا يجوز التمسك بالعام قبل البحث عن المخصص وعن الصيرفي في جوازه، واختيار بعض المتأخرين المنع، وزعم أنه لا يكاد يختلف فيه،


(١) هذا كلام ابن دقيق العيد مع تصرف يسير نقله عنه المصنف من كتاب الإمام في شرح الإلمام (ل / ٦٢ - ٦٣).
(٢) وعند ابن دقيق العيد متقرر بدل مقرر.
(٣) عند ابن دقيق العيد فيه أمر زائد على أصل الأمر بالمعروف وهو استعمال القوة والغلظة.
(٤) عند ابن دقيق العيد وذلك أنه قد تقرر عندهم من الشروع ما أوجب الإنكار.
(٥) وعند ابن دقيق العيد الشرع بدل الشارع.

<<  <  ج: ص:  >  >>