الجنان إلخ. فإذا اختبرناه فى السياسة والاجتماع- رأيناه "ملكياً" يقيم فى كل مدينة عرسا، وينصب على كل مجتمع من الأحياء ملكا، حتى الحيات والحشرات والطيور والوحوش والقردة "ديمقراطياً" يشرك اللك والصعلوك فى متع الحياة ومجالى الأنس، "عائلياً" يبنى نظام البيت وتأثيل المجد على الزوجة والولد، لذلك تجدونه يستهل معظم أقاصيصه بحنين الوالدين إلى النسل، وفزعهما إلى الله أو إلى المنجم من داء العقم. وقد يسمو مغزاه إلى الفلسفة الاجتماعية العالية، مثال ذلك حكاية السندباد والحمّال، فالحمال يئوده الحمل الفادح، وينهكه الحر اللافح، فيلقى حمله على مسطبة أمام بيت من بيوت التجار، يتردد إليه النسيم الرطيب، وتفوح منه روائح العطر والطيب، ثم يرى عظمة ذلك التاجر فى كثرة خدمه وغلمانه، ويسمع تغريد البلابل والفواخت فى بستانه، ويصغى إلى رنين أوتاره وغناء قيانه، وينشق أفاويه الطعام الشهى من صحافه وألوانه، فيرفع طرفه الحائر إلى السماء ويقول: سبحانك يارب! لا اعتراض على حكمك ولا معقب لأمرك! أين حالى من حال هذا التاجر؟ ؟ أنا مثله وهو مثلى، ولكن حمله غير حملى إ!
على أن أسوأ ما سجله ألف ليلة وليلة من ظلم الإنسان وجور النظم هو القسوة الجائرة على المرأة، فإن حظها منه منكود وصورتها فيه بشعة، وكيف تنتظر من كتاب بنى على خيانة المرأة أن ينصف المرأة؟ إن شهر زاد المسكينة إنما تسهر جفنها، وتكد ذهنها لتقص على الملك شهريار أعجب القصص ابتغاء الحظوة لديه حتى تدرأ القتل عن نفسها والخطر عن بنات جنسها. ومن الخطل الأليم أن يسند القصّاص كل هذه النقائص إلى النساء على لسان واحدة منهن فى مقام الدفاع عنهن، وأن يجرى على فمها فى حضرة الملك تلك الكلمات الجريئة المخزية فى وصف بهيميه الرجل! أما تصوير الكتاب لمظاهر الاجتماع الشرقى فى القرون الوسطى من العادات والأخلاق والمراسم فى السوامر والولائم والأعراس والمآتم والأسواق والمحاكم