للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أصبحت -ولا زالت- هى اللغة الوطنية، وفى بلاد أخرى كفارس ظلت لقرون قلائل لغة الثقافة ثم تخلت عن مكانها -بمرور الوقت- للغة الفارسيّة. وقد كانت هناك عوامل ساعدت على جعل اللغة العربية لغة وطنية (قومية) فى بعض البلاد، ففى الشام كانت هناك عناصر عربية مستقرة بالفعل وكان الشعر العربى -قبل الإسلام- يلقى ترحابا فى بلاط الغساسنة وكان عدد كبير من السكان يتحدثون -بالفعل- اللغة الآرامية وهى لغة تجتمع مع العربية فى الأصل الواحد. وفى العراق كانت هناك قبائل عربية مستقرة بالفعل منذ ما قبل الإسلام، وكانت هناك دولة عربية متمركزة فى الحيرة، وفى مصر كانت اليونانية منذ العصر البطلمى هى لغة الثقافة والسياسة والحكم والإدارة، وبعد ذلك أصبحت أيضا لغة الكنيسة، بينما كانت القبطية هى لغة الحياة اليومية بين الناس. وفى غضون قرن واحد من الفتح أصبحت العربية الفصحى هى اللغة الرسمية للدولة وأصبحت العربية العامية هى لغة الحديث بين المصريين. وتذكر المصادر أن اللغة القبطية قد اختفت تماما تقريبًا بعد هذه الفترة من معظم أنحاء مصر ولم يعد لها وجود اللهم إلّا بين الدارسين الذين تخصّصوا فى دراستها، وقد أورد هذه الحقيقة أحمد أمين فى كتابه فجر الإسلام. وعندما دخل الإسلام شمال أفريقيا وجد ثلاث لغات هى اللاتينية كلغة للإدارة والثقافة، ولغة خليط من اليونانية واللاتينية والساميّة كانت تعد بمثابة تراث أو إرث تخلف عن قرطاجة، واللغة البربرية فى المناطق الداخلية. وأصبحت اللغة العربية هى اللغة السائدة فى المدن بسبب انتشار الدين الإسلامى ووصول موجة فى إثْر موجة من العرب الذين استقروا فى هذا الشمال الأفريقى. وعلى أية حال فإن اللغة البربرية قاومت انتشار العربية فى المراكز الحصينة فى الداخل.

د. عبد الرحمن الشيخ [محمد خلف اللَّه M. Kalafallah]

٣ - العربية الوسيطة

إن تكوين الدولة العربية التى امتدت فى أقصى اتساع لها من البرانس وسواحل الأطلنطى إلى شواطئ نهر