للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وثمة دعاوى متعلقة بالسبق فى مضمار -لغة الكتابة الأدبية ففى المراجع الإسلامية أن الشعر الجاهلى بدأ فى ربيعة بالمهلهل ثم انتقل إلى قيس بالنابغتين وزهير، وأخيرا وصل إلى تميم وظل فيها حتى أطلّت أيّام الإسلام، ويمكن أن نلقى ضوءًا على الموضوع من خلال حديث الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] (أنزل القرآن على سَبْعةِ أحرف) وكلمة أحرف هنا تعنى سبع لغات أو سبعة ألسن وهى وفقا لما ذكره أبن عبّاس لهجات هوازن العليا وتميم الدنيا *.

والمرحلة التالية فى تطور لغة الكتابة العربية وانتشارها بدأت مع ظهور الإسلام، فقد اختار الدين الجديد أن يتحدى عقول العرب ذات الطابع الشعرى بكتاب مقدس هو القرآن الكريم معجز فى صياغته وأسلوبه إعجازا لا يقل عن معجزة تحويل العصا إلى أفعى. ولقد تضمن القرآن ما يعتبر ثورة كاملة فى حياة العرب وعقائدهم وفلسفتهم العملية.

ومنذ بداية الوحى كان هذا القرآن الكريم يُحفظ عن ظهر قلب ويسجّل كتابة بواسطة كتَّاب الوحى. ولم يكن القرآن كلامًا يُتلى فحسب وإنما كان منهاج حياة، فقد كان المسلم -بشكل عام- لا يحفظ إلا آيات قلائل (عشر آيات على سبيل المثال) ثم هو لا يزيد عليها حتى يفهم معناها تماما ويدرك مراميها ويطبقها تطبيقا عمليا، ولم يمض وقت طويل حتى ظهر اختصاصيون فى تفسير النص القرآنى كابن عباس وابن مسعود وعِكرمة وعلىّ، وبذلك ظهر علم التفسير الذى سرعان ما أصبح فرعًا هامًا ساهم فى تطوير لغة الكتابة. وكان للاختلافات فى طريقة قراءة القرآن الكريم أهمية بالغة بالنسبة للمؤمنين، ولم تصبح هذه الخلافات خطرًا بعد جمع عثمان (رضى اللَّه عنه) القرآن فى نسخ


* هناك خلاف كبير بين الباحثين والعلماء المسلمين فى موضوع الأحرف السبعة هذه، وبعض علماء الشيعة ينكرونه تماما ومنهم أبو القاسم الموسوى الخولى فى كتابه البيان فى تفسير القرآن. جـ ١ ص ١١٩ المطبعة العلمية بالنجف [المترجم].