للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٠ - ثمَّ حديثُ النفسِ مَعْفُوٌّ فَلا … حُكمَ لهُ مَا لمْ يُؤَثِّرْ عَمَلا

قوله: [حديث النفس]: هي النجوى التي تحدث للإنسان في قرارة نفسه؛ لأن الإنسان له نفس أمارة بالسوء، ونفس لوامة.

فالنفس الأمارة بالسوء: تأمره وتحثه على الشر … إلخ. والنفس اللوامة: تلومه على فعل الشر وتحثّه على فعل الخير، فإذا حصل للإنسان حديث نفس؛ سواء أكان من النفس اللوامة، أم من النفس الأمارة فإنه معفو عن ذلك. وحديث النفس الأمارة بالسوء من الشيطان كما تقدم لنا قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [المجادلة: ١٠] الآية وقوله : «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم» (١) فيقول الشيخ : إن هذا معفو عنه إلا إذا تحول هذا الحديث إلى عمل، سواء أكان هذا العمل قولًا أم فعلًا. والدليل على أنه معفو عنه: ما ثبت في الصحيحين أن النبي قال: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل، أو تتكلم». (٢)

مثال ذلك: لو أن إنسانًا في الصلاة حدث نفسه أنه سيذهب ويشتري … إلخ، فلا نقول بأن صلاته باطلة، أو حدث نفسه أنه سيعمل معصية كذا وكذا، فلا نقول بأنه يأثم لقوله : «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل، أو تتكلم» إلا إذا كان عاجزًا عن الأسباب، فهذا عليه وزر النية، وعلى هذا نقول فيما يتعلق بفعل الطاعة بأنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن يحدث نفسه بالطاعة مع فعل الأسباب لكن لا يتمكن منها، فهذا يكتب له أجر العمل، والأمثلة على ذلك كثيرة:


(١) تقدم تخريجه ص (١٦٠).
(٢) أخرجه البخاري رقم (٥٢٦٩)، ومسلم رقم (١٢٧).

<<  <   >  >>