للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخبرنا أبو جعفر بن السمين البَغْدَادي بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: حدثني هِشَام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مُسْنِداً ظهره إلى الكعبة، يقول: يا معشر قريش، والذي نفس زيد بيده ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيري: وكان يقول: اللَّهمّ لو أني أعلم أحبَّ الوجوه إليك عبدتك به، ولكني لا أعلمه، ثم يسجد على راحته.

قال: وحدثنا ابن إسحاق قال: حدثني بعض آل زيد: كان إذا دخل الكعبة قال: لَبَّيك حقاً حقاً، تعبداً ورِقّاً، عذت بما عاذ به إبراهيم (١).

ويقول وهو قائم:

أنفي لك [اللَّهمّ (٢)] عانٍ راغِمْ … مهما تُجَشِّمْنِي فإني جَاشِمْ

البِرّ أبْغِي لا الخال، وهل مُهَجِّر كمن قال (٣):

قال ابن إسحاق: وكان الخطاب بن نفيل قد آذى زيد بن عمرو بن نفيل حتى خرج إلى أعلى مكة، فنزل حراء مقابل مكة، ووكل به الخطاب شبابا من شباب قريش، وسفهاء من سفهائهم، فلا يتركونه يدخل مكة، وكان لا يدخلها إلا سراً منهم، فإذا علموا به آذنوا به الخطاب، فأخرجوه، وآذوه كراهية أن يفسد عليهم دينهم، وأن يتابعه أحد منهم على فراقهم.

وكان الخطاب عَمَّ زيد وأخاه لأمه، كان عمرو بن نفيل قد خلف على أم الخطاب بعد أبيه نفيل، فولدت له زَيْدَ بن عمرو، وتوفي زيد قبل مبعث النبي ، فرثاه ورقة بن نوفل (٤):

رَشِدتَ وأنعمت ابنَ عمْرو وإنما … تجنَّبْتَ تَنُّوراً من النار حامياً

بدينكَ ربّاً ليس ربٌّ كَمِثْله … وترككَ أوثانَ الطواغي كما هيا

وقد يُدْرك الإنسانَ رحمةُ ربِّه … ولو كانَ تحت الأرض ستين (٥) وادياً

وكان يقول: يا معشر قريش، إياكم والربا (٦) فإنه يورث الفقر.

أخرجه أبو عمر (٧).


(١) في سيرة ابن هشام ١ - ٢٣٠.
عذت بما عاذ به إبراهيم … مستقبل القبلة وهو قائم.
ويقول ابن هشام: وقوله «مستقبل القبلة» عن بعض أهل العلم.
(٢) عن سيرة ابن هشام.
(٣) الخال: الخيلاء، وهجر الراكب: سار في نصف النهار وقت اشتداد الحر. وقال: أقام، يعنى، ليس من سار في الهاجرة كمن أقام في وقت القيلولة.
(٤) الأبيات في سيرة ابن هشام: ١ - ٢٣٢.
(٥) في السيرة: سبعين.
(٦) في المطبوعة: الرياء.
(٧) لم أجد له ترجمة مستقلة في الاستيعاب، وينظر ترجمة ابنه سعيد بن زيد: ٦١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>