للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن نصر، حدّثني أبو الأزهر أحمد بن الأزهر، حدّثنا مروان بن محمد، حدّثنا محمد بن شعيب، أخبرنا مُعان (١) بن رفاعة عن علي بن يزيد، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة الباهلي قال:

«جاء ثعلبة بن حاطب الأنصاري إلى رسول اللَّه فقال: يا رسول اللَّه، ادع اللَّه أن يرزقني مالاً، فقال: ويحك يا ثعلبة. قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه. ثم أتاه بعد ذلك فقال: يا رسول اللَّه، ادع اللَّه أن يرزقني مالا، قال: أما لك فيَّ أسوة حسنة، والذي نفسي بيده لو أردت أن تسير الجبال معي ذهباً وفضة لسارت، ثم أتاه بعد ذلك فقال: يا رسول اللَّه، ادع اللَّه أن يرزقني مالاً، والذي بعثك بالحق لئن رزقني اللَّه مالاً لأعطين كل ذي حقٍ حقه، فقال رسول اللَّه : اللَّهمّ ارزق ثعلبة مالا، اللَّهمّ ارزق ثعلبة مالا، قال: فاتّخذ غنماً فنمت كما ينمي الدود، فكان يصلي مع رسول اللَّه الظهر والعصر، ويصلي في غنمه سائر الصلوات، ثم كثرت ونمت، فتقاعد أيضاً حتى صار لا يشهد إلاّ الجمعة، ثم كثرت ونمت فتقاعد أيضاً حتى كان لا يشهد جمعة ولا جماعة، وكان إذا كان يوم جمعة خرج يتلقّى الناس يسألهم عن الأخبار فذكره رسول اللَّه ذات يوم فقال: ما فعل ثعلبة؟ فقالوا:

يا رسول اللَّه، اتخذ ثعلبة غنماً لا يسعها واد، فقال رسول اللَّه : يا ويح ثعلبة، يا ويح ثعلبة، يا ويح ثعلبة، وأنزل اللَّه آية الصدقة، فبعث رسول اللَّه رجلاً من بني سليم، ورجلاً من بني جهينة، وكتب لهما أسنان الصدقة كيف يأخذان وقال لهما: مرا بثعلبة بن حاطب، وبرجل من بنى سليم، فخذا صدقاتهما، فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة، وأقرءاه كتاب رسول اللَّه فقال: ما هذه إلاّ جزية: ما هذه إلاّ أخت الجزية: انطلقا حتى تفرّغا ثم عودا إليّ، فانطلقا وسمع بهما السلمي، فنظر إلى خيار أسنان إبله، فعزلها للصدقة، ثم استقبلهما بها، فلما رأياها قالا: ما هذا عليك، قال: خذاه فإن نفسي بذلك طيبة، فمرا على الناس وأخذا الصدقة، ثم رجعا إلى ثعلبة، فقال: أروني كتابكما، فقرأه فقال: ما هذه إلاّ جزية، ما هذه إلاّ أخت الجزية، اذهبا حتى أرى رأيي، فأقبلا فلما رآهما رسول اللَّه قبل أن يكلِّماه قال: يا ويح ثعلبة، ثم دعا للسلمي بخير، وأخبراه بالذي صنع ثعلبة، فأنزل اللَّه ﷿: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ﴾ إلى قوله ﴿وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ﴾ (٢) وعند رسول اللَّه رجل من أقارب ثعلبة سمع ذلك، فخرج حتى أتاه، فقال: وَيْحَك يا ثعلبة، قد أنزل اللَّه ﷿ فيك كذا وكذا فخرج ثعلبة حتى أتى النبي ، فسأله أن يقبل منه صدقته فقال:

إن اللَّه منعني أن أقبل منك صدقتك، فجعل يحثي التراب على رأسه، فقال رسول اللَّه هذا عملك، قد أمرتك فلم تطعني، فلما أبِي رسول اللَّه أن يقبض صدقته رجع إلى منزله، وقُبِض رسول اللَّه ولم يَقْبِض منه شيئاً.

ثم أتى أبا بكر حين استخلف، فقال: قد علمت منزلتي من رسول اللَّه وموضعي من الأنصار فأقبل صدقتي، فقال أبو بكر: لم يقبلها رسول اللَّه منك، أنا أقبلها؟ فقبض أبو بكر ولم يقبلها.


(١) في الأصل والمطبوعة: معاذ، بالذال، والصواب ما أثبتناه، وينظر المشتبه: ٥٩٩.
(٢) التوبة: ٧٥، ٧٦، ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>