للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال عمرو حين أَسلم، وعرف مِنَ اللَّه ما عرف، وهو يذكر صنمه ذلك، وما أَبصره من أَمره، ويشكر اللَّه الذي أَنقذه من العمي والضلال (١).

تاللَّه لو كُنْتَ إِلهاً لَمْ تَكُنْ … أَنْتَ وَكَلْبٌ وَسْطَ بئْرٍ في قرن

أفّ لِمَصْرعِك إِلهاً مُسْتَدَن (٢) … الآنَ فَتَّشْنَاك (٣) عن سوءِ الغَبَنْ

فَالحَمْدُ للَّه العَلِيِّ ذِي المِنَنْ … الوَاهِبِ الرَّزاق ودَيَّان الدِّينْ (٤)

هُوَ الَّذي أَنْقَذنِي مِنْ قبْلِ أَن … أَكُونَ في ظُلْمَةِ قَبْرٍ مُرْتَهَنْ (٥)

وقال ابن الكلبي: كان عمرو بن الجموح آخر الأَنصار إِسلاماً، ولما نَدَبَ رسول اللَّه الناس إِلى بدر، أَراد الخروج معهم، فمنعه بنوه بأَمر رسول اللَّه لشدّة عَرَجه. فلما كان يوم أُحد قال لبنيه: منعتموني الخروج إِلى بدر، فلا تمنعوني الخروج إِلى أُحد! فقالوا: إِن اللَّه قد عَذَرك. فأَتى رسول اللَّه فقال: يا رسول اللَّه، إِن بَنيَّ يريدون أَن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك فيه، واللَّه إِني لأَرجو أَن أَطَأَ بعَرْجَتي هذه في الجنة!

فقال رسول اللَّه :

أَما أَنت فقد عَذرك اللَّه، ولا جِهَادَ عليك، وقال لبنيه: لا عليكم أن لا نمنعوه، لعل اللَّه أَن يرزقه الشهادة. فأَخذ سلاحه وَوَلَّى وقال: اللَّهمّ ارزقني الشهادة ولا تردُّني إِلى أَهلي خائباً. فلما قتل يوم أُحد جاءَت زوجُه هند بنت عمرو، عمة جابر بن عبد اللَّه، فحملته وحملت أَخاها عبد اللَّه ابن عمرو بن حرام، فدفنا في قبر واحد،

فقال رسول اللَّه : والّذي نفسي بيده لقد رأَيته يطأُ في الجنة بعرجته.

وقيل: إِن عمرو بن الجَمُوح كان له أَربعة بنين يقاتلون مع رسول اللَّه ، وأَنه حَمَلَ يوم أُحد هو وابنه خَلَّاد على المشركين حين انكشف المسلمون، فقتلا جميعا.

أخرجه الثلاثة.


(١) القرن- بفتحتين-: الحبل.
(٢) في المطبوعة: «يستدن» والمثبت عن سيرة ابن هشام، وتفسير ابن كثير، الآية ١٩٢ من سورة الأعراف: ٣/ ٥٣٣ بتحقيقنا، ومعنى: «مستدن»، من السدانة، وهي خدمة البيت وتعظيمه، ينظر الروض الأنف للسهيلى: ١/ ٢٣
(٣) في المطبوعة: «فلشناك». والمثبت عن السيرة.
(٤) قال السهيليّ في الروض ١/ ٢٨٠: «وقوله «ديان الدين»، الدين: جمع دينه، وهي العادة، ويقال لها: دين أيضا، قال ابن الطثرية، واسمه يزيد:
أرى سبعة يسعون للوصل كلهم … له عند ليلى دينة يستدينها
فألقيت سهمي بينهم حين أوخشوا … فما صار لي في القسم إلا ثمينها
ويجوز أن يكون أراد بالدين: الأديان، أي: هو ديان أهل الأديان، ولكن جمعها على الدين، لأنها ملل ونحل».
(٥) ينظر سيرة ابن هشام: ١/ ٤٥٢، ٤٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>