للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَنَّهُ يُلبّسُ عليه فيظنّ أن ما جاءت به الرُّسُل من الحقائقِ أساطيرُ.

لَوْ قَالَ قَائِل: الَّذِي يطلب الْحَقَّ هل يصل إليه؟

فالجواب: نعم، إذا سَلَكَ طُرُقَه.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إذا وجدنا شخصًا ضالًّا هل نَجْزِم أَنَّهُ ما طلب الحق؟

فالجواب: لا، لَيْسَ عَلَى كُلّ حالٍ، قد يَكُون هناك أَشْيَاء مَنَعَتْ من هَذَا، عَلَى كُلّ حالٍ نحن نَقُول: إن هَذَا سببٌ، مَن عَمِل صالحًا دخل الجنَّة، وقد لا يَكُون له ذلك.

فالمهم: أن هَذِهِ الأَشْيَاء تُذكَر عَلَى أَنَّهَا أَسْبابٌ، والله يَقُول: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ} [القمر: ١٧]، ويقول: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: ٦٨]، ، لمّا كَذَّبُوا بالرَّسُول عَلَيْهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ الله: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} [المؤمنون: ٦٨، ٦٩]، لكِن الْإِنْسَان قد يُحْرَم بأَسْبابٍ تكون خفيَّة عَلَى النَّاس، إِنَّمَا مَن طَلَبَ الحَقِّ بنيَّة وإخلاص فلا بدَّ أن يصل إليه، أَمَّا كون هَذَا الرجل ما وصل إِلَى الْحَقَّ ثُمَّ نَقُول: ما طلبه، فلا ندري.

فلَوْ قَالَ قَائِلٌ: ألا يُشْكِل عَلَى هَذَا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا اجْتَهَدَ الحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطأَ فَلَهُ أَجْر وَاحِدٌ" (١)، فَهُوَ اجتهدَ وطلبَ الْحَقَّ ولم يَصِلْ إِلَى الحقِّ؟

فالجواب: أصل الاجتهادِ أنَّ المجتهِدَ لَا بُدَّ أنْ يَصِلَ إِلَى الحقِّ، ولا بد أن يَتبَيَّن


(١) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>