للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- تعالى: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ [ (١) ] ، وما كان طردهم، وما كان من الظالمين.

قال: وأما عصمتهم من هذا الفن قبل النبوة، فللناس فيه خلاف، والصواب أنهم معصومون قبل النبوة من الجهل باللَّه وصفاته والتشكك في شيء من ذلك، وقد تعاضدت الأخبار والآثار عن الأنبياء- عليهم السلام- بتنزيههم عن هذه النقيصة منذ ولدوا، ونشأتهم على التوحيد والإيمان، بل على إشراق نور المعارف ونفحات الطاف، السعادة، ولم ينقل أحد من أهل الأخبار أن أحدا نبّئ واصطفى ممن عرف بكفر وإشراك قبل هذا.

ومستند هذا الباب النقل، وقد استدل بعضهم بأن القلوب تنفر عمن كانت هذه سبيله، وأنا أقول: إن قريشا قد رمت نبينا صلّى اللَّه عليه وسلّم بكل ما افترته وغير كفار الأمم أنبياءها بكل ما أمكنها، واختلقته بما نص اللَّه- تعالى- عليه أو نقلته إليه الرواة، ولم نجد في شيء من ذلك تعيير الواحد منهم برفضه آلهته، وتقريعه بذمة ترك ما كان قد جاء معهم عليه، ولو كان لكانوا لذلك مبادرين، وبتلونه في معبوده محتجين، ولكان توبيخهم له بنهيهم عما كان يعبد قبل أفظع وأقطع في الحجة من توبيخه بنهيهم عن تركهم آلهتهم، وما كان يعبد آباؤهم من قبل، ففي إطباقهم على الإعراض عنه دليل على أنهم لم يجدوا سبيلا إليه، وما سكتوا عنه كما لم يسكتوا عنه تحويل القبلة، وقالوا: ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها [ (٢) ] كما حكاه اللَّه- تعالى- عنهم.

وقد استدل القاضي القشيري على تنزيهم عن هذا بقوله- تعالى: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ [ (٣) ] ، وقوله- تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ [ (٤) ] ، إلى قوله: لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ [ (٥) ] ، قال:


[ (١) ] الأنعام: ٥٢.
[ (٢) ] البقرة: ١٤٢.
[ (٣) ] الأحزاب: ٧.
[ (٤) ] آل عمران: ٨١.
[ (٥) ] آل عمران: ٨١.