للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاعلم أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم لا يصح ولا يجوز عليه أن لا يبلغ، وأن يخالف أمر ربه، ولا أن يشرك، ولا يتقول على اللَّه ما لا يجب، أو يفترى عليه، أو يضل، أو يختم على قلبه، أو يطيع الكافرين.

لكن يسر أمره بالمكاشفة والبيان في البلاغ للمخالفين، فإن إبلاغه لم يكن بهذه السبيل، وكان ما بلغ وطيب نفسه، وقوى قلبه، بقوله: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [ (١) ] ، كما قال لموسى وهارون عليهما- السلام: لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما [ (٢) ] ، لتشتد بصائرهم في الإبلاغ وإظهار دين اللَّه، ويذهب عنهم خوف العدو المضعف للنفس.

وأما قوله: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ [ (٣) ] ، وقوله: إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ [ (٤) ] ، فمعناه: أن هذا جزاء من فعل هذا، وجزاؤك لو كنت ممن يفعله، وهو لا يفعله.

وكذلك قوله: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ [ (٥) ] ، فالمراد غيره كما قال- تعالى: إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا [ (٦) ] ، وقوله- تعالى: فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ [ (٧) ] ، وقوله- تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [ (٨) ] ، وما أشبهه، فالمراد غيره، وإن هذه حال من أشرك، والنبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لا يجوز عليه ذلك. وقوله- تعالى: اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ [ (٩) ] ، فليس فيه أنه أطاعهم، واللَّه- تعالى- ينهاه عما يشاء ويأمره بما يشاء، كما قال


[ (١) ] المائدة: ٦٧.
[ (٢) ] طه: ٤٦.
[ (٣) ] الحاقة: ٤٤.
[ (٤) ] الإسراء: ٧٥.
[ (٥) ] الأنعام: ١١٦.
[ (٦) ] آل عمران: ١٤٩.
[ (٧) ] الشورى: ٢٤.
[ (٨) ] الزمر: ٦٥.
[ (٩) ] الأحزاب: ١.