للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسألة: هل كَلَّمَ اللهُ أحدًا غَيْرَ موسى؟

الجوابُ: أيْ نَعَم، كَلَّمَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وكَلَّمَ آدمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لكنَّ موسى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سُمِّيَ الكَلِيمَ؛ لأنَّه أوَّلُ ما أوحى اللهُ إليه كَلَّمَه وغَيْرُهُ أوحى اللهُ إليه بواسطةٍ الخَلْق أوَّلًا ثمَّ بالشَّرعِ؛ وذلك لأنَّ الشَّرع يختصُّ بالأنبياءِ الشَّرْعُ المذكورُ هنا الوحيُ الخاصُّ بالأنبياءِ، هذا السَّببُ أنَّه خاصٌّ بالأنبياءِ.

وهل كلُّ من كَلَّمَه اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يكونُ نبيًّا؟

الجوابُ: نعم إذا كَلَّمَه اللهُ بشرعٍ كان نبيًّا، وإن كَلَّمَه بغيْرِ ذلك فقد يكونُ شيطانًا، أليس اللهُ تعالى خاطَبَ الشَّيطانَ قال: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥].

فإن قال قائلٌ: ما الحكمةُ في ذِكْرِ الخَلْقِ بعد الشَّرْعِ في الآياتِ؟

فالجوابُ: أقولُ: مما يدلُّ على أنَّ الإهتمامَ بالشَّرْعِ أَبْلَغُ والناسَ ما خُلِقُوا إلَّا للشَّرْعِ ما خُلِقَ النَّاسُ إلَّا للشَّرْعِ قال اللهُ تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذَّارياتِ: ٥٦].

قولُهُ: {إِلَّا وَحْيًا} الوحْيُ هو ما يَحْصُلُ للرسولِ من الإلهامِ أو الرؤيةِ المناميَّةِ؛ لأنَّ أَصْلَ الوحيِ الإعلامُ بسرعةٍ وخفاءٍ، هذا أصْلُه في اللُّغةِ، فيكونُ {إِلَّا وَحْيًا}؛ أي: عن طريقِ الإلهام - وبيانُ الإلهامِ إما أن اللهَ يُوقِعُ في قَلْبِه، مِثْلَ قولِ الرَّسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إنَّه أُوحِيَ أنَّه قد أُلْقِيَ في رَوْعِي أنَّه لن تَمُوتَ نَفْسٌ حتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَها وأَجَلَها" (١) -؛ أو طريقِ المنامِ، أو من وراءِ حجابٍ يعني: يُكَلِّمُهُ اللهُ تعالى


(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٨/ ١٦٦ رقم ٧٦٩٤)، وأبو نعيم في الحلية (١٠/ ٢٦)، من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>