إذا قَطَعَ يَدَه من نِصْفِ الذِّراعِ الفقهاءُ يقولون: لا يُقْتَصُّ منه؛ لعدمِ الإنضباطِ، لكن إذا كان من المِفْصَلِ، كما لو قُطِعَ كَفُّهُ من مِفْصَلِهَا، يُقْتَصُّ منه.
والصَّحيحُ: أنَّه في الصُّورةِ الأولى: إذا قَطَعَ يَدَهُ من نِصْفِ الذراعِ، أنَّه إذا أَمْكَنَ القِصَاصُ؛ فإنه يُقْتَصُّ منه.
وفي عَصْرِنا الآن يُمْكِنُ على الشَّعْرَةِ، أو أدنى من الشَّعْرَةِ؛ فإذا كان لا يُمْكِنُ، وقال المَجْنِيُّ عليه: اقطعوا يَدَهُ وأنا أعفو عما قَطَعَ من الذِّراعِ، الصَّحيحُ أنَّه يُقْتَصُّ منه؛ فتُقْطَعُ كَفُّ الجاني، وإذا أَسْقَطَ الزَّائدَ - أعني: المجنيَّ عليه - سَقَطَ. فإن قال المجنيُّ عليه: أنا أريدُ أن تَقُصُّوا كَفَّه وآخُذَ أَرْشَ الزَّائِدِ؛ له ذلك؛ لأنَّ اللهَ يقولُ:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}[المائدةِ: ٤٥] وهنا يقولُ: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}.
إذن الَّذي يُقْتَصُّ به من الجراحاتِ كُلُّ عُضْوٍ مُسْتَقِلٍّ أو عَظْمٍ أو جُرْحٍ ينتهي إلى عَظْمٍ، والباقي فيه خلافُ.
قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ:[قال بعضُهُم] يعني بعضَ العُلَمَاءِ [وإذا قال له: أخزاك اللهُ فيجيبُه أخزاك اللهُ]؛ لقولِهِ:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}.
أما إذا قال: لَعَنَ اللهُ أباك فهل تقول: لَعَنَ اللهُ أباك؟ الجوابُ: لا؛ قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَعَنَ اللهُ من لَعَنَ وَالِدَيْهِ"، قالوا: يا رسولَ اللهِ، وهل يَلْعَنُ الرَّجُلُ والديه؟ قال:"نعم، يَسُبُّ أبا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أباه، ويَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ"(١) هذا يَدُلُّ على
(١) أخرجه البخاري: كتاب الأدب، باب لا يسب الرجل والديه، رقم (٥٩٧٣)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، رقم (٩٠)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -. وليس فيهما قوله: "لعن الله من لعن والديه" وإنما أخرجه مسلم: كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، رقم (١٩٧٨)، من حديث علي - رضي الله عنه -.