للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن اللهَ يتكلَّمُ بكلامٍ مسموعٍ وبحروفٍ متتاليةٍ، واللهُ يَفْعَلُ ما يشاءُ {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢].

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: عمومُ علْمِ اللهِ عَزَ وَجَلَّ وبُطُونُ عِلْمِ اللهِ، أنه عِلْمٌ عميقٌ يصلُ إلى أخفى شيءٍ، يُؤْخَذُ ذلك من قولِهِ: {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: الفائدةُ المسلكيَّةُ المهِمَّةُ: وهي أن الإنسانَ إذا عَلِمَ بأن اللهَ تعالى عليمٌ بما في قلْبِه فإنه سوف يُمْسِكُ عن كلِّ إرادةٍ سيئةٍ، ويُقْدِمُ على كلِّ إرادةٍ حسنةٍ، ومنها أنه يجبُ على العبْدِ أن يُصَحِّحَ ما في قلْبِه؛ لأنَّ المدارَ عليه، قال اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العادياتِ: ٩ - ١٠].

واعلمْ يا أخي أن الحُكْمَ في الدنيا على الظاهرِ والحُكمَ في الآخرةِ على الباطنِ، فهل تُحَسِّنُ ظاهِرَك ليُحْكَمَ عليك بالدنيا بما يقتضيه هذا الظاهرُ، أو تُحَسِّنُ باطِنَك ليُحْكَمَ لك يومَ القيامةِ بما يقتضيه هذا الباطنُ أيهما؟

الجوابُ: الثاني، ولهذا لا تَغْتَرَّ بكثرةِ الركوعِ، والسجودِ، وبكاءِ العيْنِ، وما أَشْبَهَ ذلك، بل انظر إلى ما في القلبِ - وإن كانت هذه الأعمالُ التي ذَكَرْتُها علامةً على صلاحِ القلبِ لكن ثَبِّتِ الإيمانَ في القلبِ -، عليك بإصلاحِ القلبِ قبل كلِّ شيءٍ، اغرزْ في قلبِك محبَّةَ اللهِ ورسولِهِ، اغرزْ في قلبِك محبَّةَ الشريعةِ وإن ثَقُلَتْ عليك، كما قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢١٦]. اغرزْ في قلبِك محبَّةَ المؤمنين، لا تَكْرَهْ أيَّ مؤمنٍ وإن أساء إليك، إن أساء

<<  <   >  >>