إليك المؤمنُ فاكره إساءتَهُ، أما هو شخصيًّا فلا تَكْرَهْه، اغرزْ في قلبِك الولايةَ لكلِّ مسلمٍ، والعداوةَ لكلِّ كافِرٍ، وهلمَّ جرًّا.
المهمُّ أن تعتنيَ بصلاحِ قلبِك؛ لأنَّه هو الذي عليه مدارُ الحسابِ يومَ القيامةِ؛ قال اللهُ تعالى: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِر} [الطارقِ: ٨ - ٩]؛ أي: تُخْتَبَرُ السرائرُ، اللهمُّ أَصْلِحْ ظواهِرَنَا وبواطِنَنا يا ربَّ العالمين.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ: أن المدارَ على القلوبِ، وأنها في الصدورِ، القلوبُ في الصدورِ وبها العقلُ. قال اللهُ تعالى:{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا}{فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[الحجِّ: ٤٦].
وعلى هذا فيجبُ علينا أن نؤمِنَ بأن العقلَ في القلبِ؛ لأنَّ الآيةَ في هذا صحيحةٌ أو ظاهرةٌ، وأما قولُ بعضهم: إن العقلَ في الدماغِ فضعيفٌ مقابَلٌ بقولِ العالِم الخالِقِ عَزَّ وَجَلَّ، ولكن الدماغَ لا شكَّ أنه إذا اختلَّ، اختلَّ تَصَرُّفُ الإنسانِ، وأصْلُ العقلِ في القلبِ لا شكَّ. قال الإمامُ أحمدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: العقلُ في القلبِ وله اتصالٌ بالدماغِ (١).
ونروي عن شيخِنا عبدِ الرحمنِ السّعْدِي رَحِمَهُ اللَّهُ: أن أحدَ المعتزلةِ حُكِمَ عليه بالقتلِ على حينِ اختلافٍ بين الناسِ في العقلِ أهو في الدماغِ أم في القلبِ؟ فقال لهم: إذا قَتَلْتُمُوني فأَبِينوا رأسي، ثم إن كان العقلُ في قلبِي حَرَّكْتُ يدي - أو قال أصبعي - وإن كان في الدماغِ راح مع الدماغِ، ففعلوا، فلما قتلوه حرَّكَ العضوَ الذي قال لهم على الوجْهِ الذي قال لهم.
(١) انظر: مجموع الفتاوى (٩/ ٣٠٣)، والتبيان في أقسام القرآن لابن القيم (ص: ٤٠٤).