للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قال قائلٌ: بالنسبةِ للأشاعرةِ هل هم من أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، أم لهم تقسيمان؟

فالجوابُ: أولًا: أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ هم الذين اجتمعوا على السُّنَّةِ وأخذوا بها، والإنسانُ قد يكونُ من أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ في شيءٍ دون آخَرَ، كما أن الإنسانَ يكونُ فيه خصائلُ كفرٍ وخصائلُ إيمانٍ، كذلك يكونُ فيه سُنَّهٌ وبدعةٌ، فالأشعريَّةُ - وأعني بذلك المذهبَ الأشعريَّ - كمذهبٍ ليس على مذهبِ أهلِ السُّنَّةِ؛ لمخالفتِهم إياهم في كثيرٍ من الأشياءِ الأصوليَّةِ المهمَّةِ، كمسألةِ الصفاتِ، ومسألةِ الإيمانِ باليومِ الآخِرِ فيه مخالفاتٌ كثيرةٌ، ومسألةِ الإيمانِ وأعمالِ العبدِ، وغيرِ ذلك، لكن رجلًا من الناسِ نَعْرِفُ صِدْقَه وإخلاصَهُ في دينِ اللهِ ومدافَعَتَه عنه ذَهَبَ إلى قولٍ من أقوالِ الأشعريَّةِ لا نقولُ: إنه أشعريٌّ، بل نقولُ: هو من أهْلِ السُّنَّةِ لكن نقولُ: قال في ما قالت الأشعريَّةُ في كذا وكذا، أيضًا نقولُ: المسلمون الآن انقسموا إلى سُنَّةٍ وشيعةٍ، فباعتبارِ هذا التقسيمِ كلُّ من عدا الرافضةِ فهو سُنِّيٌّ بهذا التقسيمِ فالمسألةُ لها اعتباراتٌ.

فإن قال قائلٌ: ائتِني بدليلِ أن الصحابةَ أثبتوا علوَّ اللهِ بذاتِهِ، أو أَنْكَرُوا هذا.

فالجوابُ: هذا هو الأصلُ، لكن نحن نريدُ دليلًا ثبوتيًّا، أما الدليلُ السلبيُّ فهذا لا يحتاجُ نقولُ: هاتِ دليلًا على أنهم حَرَّفُوها كما قلتَ، وقد أشرْنا إليها قبل قليلٍ قلنا: إنه لم يَرِدْ عنهم حرفٌ واحدٌ أنهم قالوا: إن اللهَ ليس في السماءِ، ولا داخلَ العالَمِ، ولا خارجَهُ بحدٍّ، كلمةُ حدٍّ، وكلمةُ جسمٍ، وما أشبهَ ذلك من العباراتِ المُبْتَدِعَةِ التي يريدُ بها أهلُ التعطيلِ إلزامَ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ بما لا يليقُ باللهِ، فالحدُّ نوعان، نسألُ: أولًا كلمةُ حدٍّ لمْ تردْ في الكتابِ والسُّنَّةِ لا إثباتًا ولا نفيًا فلتكن جانبًا.

<<  <   >  >>