للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نسألُ اللهَ أن يُمِيتَنَا وإيَّاكم على ملَّةِ الإسلامِ وطريقِ الذين أنعم اللهُ عليهم.

فالقولُ الذي لا يرتابُ عاقلٌ في صحَّتِه ولا يُمْكِنُ أن يُؤْمِنَ الإنسانُ بسواه - إلا من اجتالته الشياطينُ - هو أن اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عالٍ بذاتِهِ عالٍ بصفاتِهِ، ولا يُمْكِنُ أن تستقرَّ قدمُ مؤمنٍ باللهِ واليومِ الآخِرِ إلا على هذا القولِ.

وأنا رأيتُ بعضَ الناسِ الذين تَنْقُصُهُم الدرايةُ ما هو العلمُ إذا رأى إنسانًا يظنُّه من منكري العلوِّ أوَّل ما يُسَلِّمُ يقولُ: السلامُ عليكم .. وعليكم السلامُ، كيف أصبحْتَ؟ أين اللهُ؟ كيف هذا؟ ! هل الرسولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يبدأ الناسَ بقولِهِ: أين اللهُ؟ هذا من الغلطِ أبدًا، ألا ابْسُطْ له القولَ ولا تناقشْهُ أيضًا إلا إذا فتح البابَ، هو مُسْلِمٌ، والأصلُ في الإسلامِ السلامةُ، لا تناقشْهُ إلا إذا فتحَ البابَ أو إذا رأيتَ المسألةَ يعني صَدْرُهُ متسعٌ، وهو نَفْسُه يستطعمُ منك فحينئذ ابدأْ، فالإحسانُ في الدعوةِ والحكمهُ في الدعوةِ أمرٌ مهِمٌّ.

فالرسولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ما قال لهذه الجارَيةِ "أين اللهُ؟ " (١) إلا لسببٍ يقتضيه بالنسبةِ لهذه المرأةِ، والأعرابيُّ الذي شهد أنه رأى الهلالَ ماذا قال له؟ قال: "أتشْهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأن محمدًا رسولُ اللهِ؟ " (٢)، ما قال له أين اللهُ، ورسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أعطاه اللهُ الحكمةَ يخاطبُ كلَّ إنسانٍ بما تقتضيه حالُه.


(١) أخرجه مسلم: كتاب المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة، رقم (٥٣٧)، من حديث معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه أبو داود: كتاب الصوم، باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان، رقم (٢٣٤٠)، والترمذي: كتاب الصوم، باب ما جاء في الصوم بالشهادة، رقم (٦٩١)، والنسائي: كتاب الصيام، باب قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان، رقم (٢١١٢)، وابن ماجه: كتاب الصيام، باب ما جاء في الشهادة على رؤية الهلال، رقم (١٦٥٢)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>