للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عاقَبَه -؛ العرشُ منه أمْ قَبْل هذا! .

فانظرْ - سبحانَ اللهِ! - فِطرة؛ لأنَّه خَلَقَ ثم استوى، إذن: فالفطرةُ تدلُّ عليه.

فإن هذه المسألةَ فطريَّةٌ، كالإنسانِ مفطورٌ - لولا أن الشياطينَ اجتالته - على علوِّ اللهِ تعالى بذاتِهِ فوقَ كلِّ شيءٍ.

فإذن علوُّ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى دلَّ عَلَيْهِ الكتابُ والسُّنَّةُ والإجماعُ والعقلُ والفطرةُ.

القولُ الثاني في هذه المسألةِ: أن اللهَ تعالى لا يُوصَفُ بالعلوِّ إطلاقًا. اللهُ في كلِّ مكانٍ، ثم شَبَّهوا بقولِهِ تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: ٤] {أَيْنَ مَا} هذه ظرفُ مكانٍ. أي: في أيِّ مكانٍ كُنْتُمْ فاللهُ معكم. قال: اللهُ معك في كلِّ مكانٍ. إذا كنتَ في المسجِدِ يكونُ اللهُ في المسجِدِ، والمرحاضُ كذلك، والسوقُ كذلك، والطائرةُ أيضًا، فهل هذا يقولُه عاقلٌ؟ ويلزمُ من هذا القولِ:

أولًا: وصفُ اللهِ بما لا يليقُ أن يكونَ اللهُ في المراحيضِ والحمَّاماتِ والأماكنِ القَذِرَةِ والعاليةِ والسافلةِ.

ثانيًا: يلزمُ أحدُ أَمْرَيْنِ إما تَجَزُّؤُ اللهِ، وإما تَعَدُّدُ اللهِ، إن قالوا: بالتعددِ صِحْنَا بهم صيحةً تتقطعُ منها قلوبُهُم، نقولُ لهم: كَفَرْتُمْ وصرْتُم أَعْظَمَ من النصارى الذين قالوا: {قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: ٧٣]، وأنتم تقولون: ملايينُ الملايينِ. وإن قالوا: يَتَجَزَّأُ، قلنا: الآن أَبْطَلْتُمْ قولَكم إذا كان يتجزَّأُ وكان مثلًا جزءٌ منه مع فلانٍ وجزءٌ مع فلانٍ، لم يَصِرْ مع فلانٍ وهو يقولُ: {وَهُوَ مَعَكُمْ} ولم يَقُلْ: جزءٌ منه معكم.

فأنتم الآن خُذِلْتُمْ - والحمدُ للهِ - وهذا واللهِ لا أظنُّ قدمَ مؤمنٍ باللهِ تَثْبُتُ

<<  <   >  >>