فلذلك أنا أدعو إخوانَنَا من السُّعُودِيِّين وغَيْرِهم، إلى نَبْذِ هذه الطريقِ، والبُعْدِ عنها، وأن نعتقدَ أننا إخوانٌ، وأنَّ كلَّ واحدٍ منا مَجْزِيٌّ بعملِه، وألا نجعلَ هذا سببًا للتفرُّقِ، لأنَّ اللهَ نهانا، ونحن نعلمُ علمَ اليقينِ أنَّ اللهَ لا ينهانا إلا عن شيءٍ فيه ضَرَرُنَا.
فائدةٌ: الشِّيعَةُ خلافُهُم متبايِنٌ مع أهْلِ السُّنَّةِ، ليس خلافُ الشيعةِ مع أهلِ السُّنَّةِ كخلافِ الشافعيَّةِ مع المالكيَّةِ مثلًا، لا أبدًا، اختلافٌ عظيمٌ، اختلافٌ في أصْلِ العقيدةِ؛ فمثلًا من أصولِ عقيدةِ الشِّيعَةِ أنَّ عندهم رؤوسًا يُسَمُّونهم الأئمَّةَ، يدَّعون أن من هؤلاءِ الأئمةِ من يَعْلَمُ الغيْبَ، ويُدَبِّرُ الكوْنَ، وأن من أئمَّتِهِم من يَبْلُغُ منزلةً لا يبلُغُها مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، ولا نبيٌّ مُرْسَلٌ، يعني: معناها منزلةُ الربوبيَّةِ، هذا لا يُمْكِنُ أن نَتَّفِقَ معهم بأيِّ حالٍ من الأحوالِ، ومنهم من يَسُبُّ الصحابةَ عمومًا إلا نفرًا قليلًا، ومنهم من يَلْعَنُ أبا بكرٍ وعمرَ، ويقول: إنهما ماتا على النفاقِ.
والعجيبُ أني رأيتُ في كتابِ ابْنِ حزمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ (المِلَل والنِّحَل)(١) رأيتُ شِيعَةً تُكَفِّرُ عليًّا وتُكَفِّرُ أبا بكرٍ، كلا الإثنين، أمَّا أبو بكرٍ فتقول: لأنه ظَلَمَ بأخْذِ الخلافةِ، وأمَّا عليٌّ فإنه تراخى عن الواجبِ عليه، لماذا لم يَمْنَعْ أبا بكرٍ، فهذا معتدٍ وهذا مُفَرِّطٌ، وكلاهما كافرٌ؛ لم يبق إلا أن يقولوا الرسولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لماذا لم يُعَيِّنْه من البدايةِ ويقطعُ النِّزاعَ، شيءٌ عجيبٌ.
وأقولُ: هذا لا يُمْكِنُ الإتفاقُ معه، لكنَّ الإتفاقَ مع المالكيَّةِ والشافعيَّةِ والحنابلةِ، هذا ممكنٌ، فالخلافَ بيْنَ المالكيَّةِ والشافعيَّةِ والحنابلةِ والأحنافِ، وما أَشْبَهَهم هذا ليس خلافًا في الواقعِ، إلا إنسانًا مُتعصبًا نقولُ: هذا الحقَّ، ويقولُ: لا.