مسألةٌ: إذا مرَّ الإنسانُ بآيةٍ فيها ذِكْرُ الأنبياءِ سواءٌ في الصلاةِ أو خارجَ الصلاةِ، فهل يُشْرَعُ له أن يُصلِّيَ عليهم؟
فالجوابُ: لا، إلا الرسولَ - صلى الله عَلَيْهِ وسلم - ولو خارجَ الصلاةِ؛ لأنَّه لا نعلمُ أن الرَّسولَ إذا مرَّ برسلٍ سَلَّمَ عليهم؛ أما نبيُّنا - صلى الله عَلَيْهِ وسلم - فإذا مرَّ عليك فصلِّ عَلَيْهِ في أيِّ حالٍ أنت؛ إلا إذا كنتَ على الخلاءِ فلا.
وقوله:{وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ}(أنْ) هذه تفسيريَّةٌ، بمعنى (أي)؛ ولذلك لا تَعْمَلُ شيئًا؛ لأنَّها لمجرَّدِ التفسيرِ والتبيينِ.
والدِّينُ القَيِّمُ هو الدِّينُ الذي شَرَعَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فيجبُ علينا أن نُقِيمَ الدِّينَ كما أقامه اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لا نغلو فيه، ولا نُقَصِّرُ عنه، ولذلك كان الناسُ في دينِ اللهِ على ثلاثةِ أقسامٍ: قِسْمِ غَلَوْا، وقِسْمٍ قَصَّرُوا، وقِسْمٍ اعْتَدَلُوا. فما الذي أُمِرْنَا فيه؟ الإعتدالُ، {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ} غَيْرَ مُتَجَاوِزِينَ ولا قَاصِرِينَ عنه.
ولذلك هَلَكَ أقوامٌ ممن قَصَّروا أو تجاوزوا، والأخطرُ التجاوُزُ وهو الغُلُوُّ، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أَهْلَكَ من كان قَبْلَكُم الْغُلُوُّ"(١) ولأن الغاليَ، يعتقدُ أنَّ هذا دينٌ فلا يكادُ يُقْلِعُ عنه، والمُقَصِّرُ يَعْتَرِفُ أنه مُقَصِّرٌ، فرُبَّما حاسَبَ نفْسَه يومًا من الأيامِ وأتمَّ، فالغُلوُّ أخطرُ، ولذلك تَجِدُ بِدَعَ المبتدعةِ، أشدُّها الغلوُّ؛ فالرَّافضةُ مثلًا
(١) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٢١٥)، والنسائي: كتاب مناسك الحج، باب التقاط الحصى، رقم (٣٠٥٧)، وابن ماجه: كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي، رقم (٣٠٢٩)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.