للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن أصابع الرحمن عَزَّ وَجَلَّ مُباشِرة للقَلْب، وليس كذلك، فالقلب بين إِصْبَعين من أصابع الرحمن (١)، لكن لا نَقول: إنه مُباشِر.

فإذا قال قائِل: كيف يُعقَل أن يَكون القلب بين إِصبَعين من أصابع الرحمن بدون مُباشَرة؟

قلنا: استَمِع لقول الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} إلى قوله: {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: ١٦٤]، السَّحاب مُسخَّر بين السماء والأرض، فهل هو مُباشِر للسماء والأرض؟

الجوابُ: لا، فلا يَلزَم من البَينية المُباشَرة، فلا يَجوز أن يُعيِّن إِصبَعين، لأنه إذا فعَل لزِم من ذلك أنه جزَم بأنه بين هذَيْن الإِصبَعين.

وقوله تعالى: {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ظَرْف للقَبْضة، أي: أنها تَكون قبضةً له يوم القِيامة، ويوم القِيامة هو اليوم الذي يُبعَث الناسُ من قبورهم لله عَزَّ وَجَلَّ، وسُمِّيَ بهذا الاسمِ لوجوهٍ ثلاثةٍ: لقيام الناس من قُبورهم لربِّ العالَمين؛ ولإقامة العَدْل؛ ولقِيام الأشهاد؛ لقوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: ٥١].

وقوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [مجَموعات بيَمينِه وقُدْرته].

قوله تعالى: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ} الطَّيُّ مَعروف: عَطْف الثَّوْب بعضِهِ على بعضٍ يُسمَّى: طيًّا، ومنه طيُّ الورَقة، فإذا فرَغ الكاتِب منها طواها، يَعنِي: عطَف


(١) أخرجه مسلم: كتاب القدر، باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء، رقم (٢٦٥٤)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>