الجَوابُ: لا؛ لأنَّنا لو فعَلْنا ذلك لكان هذا تَمثيلًا لقَبْضة الله عَزَّ وَجَلَّ للأرض، وهذا لا يَجوز، أمَّا أن نُبيِّن مَعنَى القبضة فلا بأسَ بأن نَقول: القبضة هي وَضْع الشيء في اليد ثُمَّ قَبْضه بها، لكن نُكيِّف كيف قبَضَ الله عَزَّ وَجَلَّ على الأرض، هذا خِلاف مُعتَقَدِ أهل السُّنَّة والجماعة، كما هو معروف.
فإن قال قائِل: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما قرَأَ قوله تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}[النساء: ١٣٤] وَضَع إِصبَعه على عَيْنه وأُذُنه (١)، فهل يَجوز مثل هذا في قوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ}؟
فالجَوابُ: الجمع بينهما أن ما جاءت به السُّنَّة نَأخُذ به، وما لا فالأصل المَنْع، فأنت إذا قبضت شيئًا بيدك، فواضِح أنك كيَّفْت، لكن نَقول:{قَبْضَتُهُ}: أن تَكون هذه الأرضُ جميعًا في يدِ الله عَزَّ وَجَلَّ، أمَّا (كيف) فاللهُ تعالى أَعلَمُ.
فيَجِب أن نَعلَم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فعَل هذا تَحقيقًا لا تَكييفًا، فهو يُحقِّق مَعنَى السمع والبصَر، سَمْع وبَصَر حَقيقيٌّ.
وعلى كل حال: نَقتَصِر في هذا على ما ورَد مهما كان الأمرُ.
ومثل هذا في صِفة الطَّي والقبض، فنَقول: يَطوِي ويَقبِض، والله تعالى يَقدِر ويَبسُط، كما في قوله تعالى.
فإن قال قائِل: ما حُكْم مَن يَقول: (بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِن أَصابِعِ الرَّحْمَنِ) فيُشِير بإِصْبعيه؟
فالجَوابُ: هو لا يَستَطيع أن يُحدِّد أيَّ الأصابع، ثُمَّ إذا أَشار فقد يَفهَم الرائِي
(١) أخرجه أبو داود: كتاب السنة، باب في الجهمية، رقم (٤٧٢٨)، من حديث أبى هريرة - رضي الله عنه -.