للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعضَها على بعضٍ، وقد شبَّه الله عَزَّ وَجَلَّ طيَّه للسَّمَوات بطيِّ السِّجِلِّ للكتُب، فقال جَلَّ وَعَلَا: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} [الأنبياء: ١٠٤]، فتَبارَك اللهُ ربُّ العالَمين!.

فهذه السماءُ العَظيمة الواسِعة الأَرْجاء التي ورَد أن سُمْكها خَمسُ مئة عامٍ، يَطوِي الله عَزَّ وَجَلَّ هذه السمواتِ كما يَطوِي السجِلُّ الكتُبَ، أو كما يُطوَى السجلُّ الكتُبَ {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} يَعني: كما يَطوِي السجِلُّ وهو كاتِب القاضي، أو كما يُطوى السجِلُّ الذي تُكتَب به القضايا، فالطيُّ مَعروف قُلنا: إنه عَطْف الثوب بعضِه على بعضٍ، أو الورَقة، وما أَشبَه ذلك.

وقوله تعالى: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ} أَتَى بصيغة اسم المَفعول للعِلْم بالطاوِي وهو الله سبحانه، كما تُفسِّره الآياتُ الأخرى {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{مَطْوِيَّاتٌ} مَجموعاتٌ] وهذا فيه نظَر؛ لأننا: نَقول هي مجَموعةٌ طيًّا، وإذا فسَّرْناها بالمَجموعات فإننا لم نُفسِّر تَفسيرًا دقيقًا؛ لأن الشيء قد يَكون مَجموعًا بلا طيٍّ، ولكن إذا كان مَطويًّا فهذا مَعنًى زائِدٌ على مُجرَّد الجَمْع، فالصواب أن يُقال: {مَطْوِيَّاتٌ} أي: مَلفوفٌ بعضُها إلى بعضٍ.

وقوله رَحِمَهُ اللهُ: [{مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} بقُدْرته] وهذا تَحريف على مَذهَب مَن لا يُؤمِنون بصِفات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الخبَرية، والصوابُ: أن المُراد باليَمين اليدُ اليُمنَى يَطويها جَلَّ وَعَلَا بيَدِه اليُمنى.

فإن قال قائِل: إنه وَصْف في السُّنَّة أن كِلتا يدَيِ الله عَزَّ وَجَلَّ يَمين، فما فائِدة ذِكْره في الآيةِ: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}؟

<<  <   >  >>