وسَيِّئ وَصْفٌ ليس فيه تَفضيل، وكذلك (أَحسَنُ) اسمُ تَفضيل وحَسَن وَصْفٌ ليس فيه تفضيل، فما بالُنا نَنزِل مَرتَبة من التَّفضيل إلى ما هو أَدْنى؟! فهذا يُعتَبَر خطَأً وتَحريفًا.
فالصوابُ ما قُلناه أوَّلًا: أن اسم التَّفضيل هنا على بابه، وأن الله تعالى بشَّرَهم بأنه يُكفِّر الأَسْوَأ، ومَن كفَّر الأسوَأَ كفَّر ما دونَه، وبشَّرهم بأنه يَجزيهم أَحسَن ما كانوا يَعمَلون، لا أنه يَجزيهم الحسَنة بمِثْلها، بل أَحسَنَ، وهذا فرقٌ عظيم بين الحسَن والأحسَن والسَّيِّئ والأَسوَأ.
[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَة الأُولَى: أنهم بتَقواهم يُكفِّر الله تعالى عنهم أَسوَأ أعمالهم لقوله تعالى: {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا}.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن الله تعالى يَجزيهم بأحسَنِ الجزاء، وقد بيَّن ذلك في الكِتاب والسُّنَّة بأن مَن جاء بالحَسَنة فله عَشْر أَمثالها إلى سَبْع مِئة ضِعْف إلى أضعافٍ كثيرة.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الخطَراتِ التي تَخطُر على القُلوب لا حُكمَ لها؛ لقوله تعالى:{الَّذِي عَمِلُوا}، ولقوله تعالى:{الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وقد جاء الحديث مُؤيِّدًا لذلك، فقال النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:"إِنَّ الله تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ"(١).
ولكن يَجِب على مَن كان له خطَراتٌ سيِّئة أن يُدافِعها بما يَستَطيع، ومِن
(١) أخرجه البخاري: كتاب الأيمان والنذور، باب إذا حنث ناسيًا في الأيمان، رقم (٦٦٦٤)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب، إذا لم تستقر، رقم (١٢٧)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.