وقوله تعالى:{الْأَرْضُ} مُبتَدَأ، و {جَمِيعًا} حال، و {قَبْضَتُهُ} خبَر المُبتَدَأ؛ يَعنِي: أن الأرض كلَّها جميعًا - كل الأرَضين السَّبْع - تَكون يوم القيامة قَبْضتَه؛ قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا} حال؛ أيِ: السَّبْع]، فقوله تعالى:{جَمِيعًا} حال من {الْأَرْضُ}.
وبهذا نَعرِف أنه يَجوز مجَيءُ الحال من المُبتَدَأ قبل الإتيان بالخَبَر، فتَقول مثَلًا: زيدٌ قائِمًا خيرٌ منه قاعِدًا.
وقوله رَحِمَهُ اللهُ: [{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ} أي: مَقبوضةٌ له، أي: في مُلْكه وتَصرُّفه] فسَّر المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ القَبْض بمَعنى المُلْك والتَّصرُّف، وفي هذا نظَرٌ ظاهِر، بل هذا تَحريف؛ لأن المُلْك والتَّصرُّف كل شيء في مُلكه وتَصرُّفه الأرض والسماء يومَ القيامة وقبلَ يوم القيامة، لكن القَبضة بمَعنَى: المَقبوضة التي تَكون في اليَدِ تُحيط بها اليد.
فيُقال مثَلًا: قبضةٌ من طعام؛ بمَعنَى أن الإنسان يَقبِض الطعام بيَدِه، فالأرض يوم القِيامة قَبْضة الله عَزَّ وَجَلَّ، وقد جاء ذلك مُبيَّنًا في حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في قِصَّة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مع حَبْرٍ من أحبار اليَهود أن الله تعالى يَجعَل الأرض على إِصبَع والشجَر على إِصبَع والجِبال على إِصبَع ... إلخ (١).
فالصوابُ المُتعيَّن: أن يُقال: المُراد بالقَبْضة أنها في قَبْضة يَدِه عَزَّ وَجَلَّ.
فإن قال قائِل: وهل يَجوز لنا أن نُمثِّل هذه القَبضةَ بحيث نَأخُذ تَمرةً أو تُفَّاحة ونَضَعها في أيدينا، ونَقول: قَبْضَتُه ثُم نَقبِض على التُّفَّاحة أو التَّمرة؟
(١) أخرجه البخاري: كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا}، رقم (٧٤٥١)، ومسلم: كتاب صفة القيامة والجنة والنار، رقم (٢٧٨٦).