حكموا به من الولد لله -سبحانه وتعالى- إلى طلب الحجة، أي: بل ألكم سلطان مبين، والمراد بالسلطان هنا ما تكون به السلطة، والسلطان في كل موضع بحسبه.
ففي باب الولايات تكون السلطة بالإمارة، فالأمير: سلطان، وفي باب الأعمال تكون السلطة بالقوة، القوي القادر له سلطة على العمل. وفي باب المحاجة وطلب الدليل تكون السلطة بالدليل، فهنا {سُلْطَانٌ مُبِينٌ (١٥٦)} أي دليل، يعني هل لكم دليل، لأن الدليل تكون به السلطة للمحاج يعني إذا حاجك إنسان وصار معه دليل صار له سلطان عليك أي سلطة، ولهذا قال: {أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (١٥٦)} وكلمة {مُبِينٌ (١٥٦)} هنا يحتمل أن تكون من أبان اللازم ومن أبان المتعدي. لأن أبان الرباعي يكون لازمًا ويكون متعديًا، فإذا قلت: أبان الصبح. فهو لازم، وإذا قلت: أبان فلان الحق. هذا متعدٍّ. فكلمة {مُبِينٌ} هنا هل هي لازم أي إن المعنى {أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ} بين، أم متعدٍّ أي: ألكم سلطان يبين ما تقولون أو يبين الحجة لكم؟ المتعدي هنا أحسن؛ لأن المتعدي متضمن للازم، لأن ما أبان غيره فهو بين في نفسه {أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (١٥٦)} قال المؤلف -رحمه الله-: [حجة واضحة أن لله ولدًا]. وصنيع المؤلف في قوله "واضحة" يدل على أنه جعل مبين من اللازم أي بين، ولكن الأرجح أنه من أبان المتعدي أي مبين، وذلك لأننا إذا جعلناه من المتعدي لزم منه وجود اللازم بخلاف العكس.
{فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ} هذا مفرع على قوله: {أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ