٣ - ومن فوائد قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (١٢٤)}: دليل على أن التقوى تطلق على فعل الأوامر وترك النواهي، قال: {أَلَا تَتَّقُونَ (١٢٤)}؟ يعني بعبادة الله، ويدل لهذا قوله: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (١٢٥)}.
٤ - ومن فوائدها: بيان تلطف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في دعوة قومهم؛ لأنه قال: {أَلَا تَتَّقُونَ (١٢٤)} وهذا للعرض والحث، ولم يقل لهم: اتقوا الله، مع أن الرسل قد يقولون: اتقوا الله، لكن ينزل كل مخاطب منزلته بما يليق به.
٥ - ومن فوائد هذه الآية -وهي في الحقيقة فائدة في كل ما سبق من الآيات- اختصاص رسالة الرسول فيما سبق بقومه، لقوله: {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (١٢٤)}.
فإن قال قائل: إذا أخذتم من إضافة القوم إلى الرسول اختصاص الرسالة بقومه، فإن الله تعالى وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل ذلك فقال:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}[الزخرف: ٤٤] فهل تقولون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل إلى العرب فقط؟
فالجواب: لا، لكننا نأخذ عموم رسالته من أدلة أخرى كقوله تعالى:{قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ}[الأعراف: ١٥٨] وكقوله: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١)}. [الفرقان: ١] وكقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح:"كان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة"(١).
(١) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب (١) (رقم ٣٣٥) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة (رقم ٥٢١) (٣).