بعض أولي الفضل من المحققين - كلمة عامة، فإنها تشمل الخصائص اللغوية، والنحوية. والتصريفية، والبلاغية.
والخصائص البلاغية هي خصائص النظم التي أفصح عنها ابن جنى في عديد من المواقف التي عرض لها وتحدث فيها حديث العالم بخفايا اللغة، وأسرار التعبير فيها.
وإذا كانت البلاغة - وهي النظم عند عبد القاهر - نتبع معاني النحو فيما بين الكلم على حسب الأغراض التي يساق لها الكلام، فلقد تتبع البلاغيون من أمثال عبد القاهر الجرجاني، وابن سنان الخفاجي، وابن الأثير، والخطيب القزويني، معاني النحو التي أبان عنها ابن جنى، في "الخصائص"، فكانت لهم معيناً عذباً، عل منه القوم ونهلوا، حتى نمت رياض البلاغة، وأخضو ضربت، واستوت على سوقها، وآتت أكلها ضعفين!
وعلى الرغم من أن كتاب "الخصائص" لابن جنى كان مورداً عذباً من موارد البلاغيين؛ فإنهم لم يدرسوه دراسة بلاغية وافية، بل إنهم أفادوا منه ما أفادوا وتركوه، على أنه كتاب في علم اللغة، أو في علم النحو والتصريف، وكأنه لا يعنيهم إلا بمقدار ما أخذوا منه وأفادوا!
على أن من أخذ منه، أو أفاد، من البلاغيين، لم يشر إليه إلا في القليل النادر، بل إن منهم من نقل أبواباً كاملة من الخصائص - كأبن الأثير - دون أن يشير إلى المصدر الذي نقل عنه!
وإذا ما أشار إلى ابن جنى، فلكي بوسعه نقداً وتجريحاً!
وقد تجد من العلماء، وسط هذا النكران للجميل، من كان يجل ابن