فمن ذلك قوله تعالى:"فأدخلناه في رحمتنا"(١) فهذا مجاز، وفيه الثلاثة المذكورة:
أما الاتساع: فهو: أنه زاد في أسماء الجهات والمحال اسماً، وهو الرحمة.
وأما التشبيه: فإنه شبه الرحمة - وإن لم يصح دخولها - بما يصح دخوله.
وأما التوكيد: فهو: أنه أخبر عما لا يدرك بالحاسة بما يدرك بالحاسة، تعالياً بالمخبر عنه، وتفخيماً له، إذا صير بمنزله ما يشاهد ويعاين" ثم يقول: هذا مجموع قول أبي الفتح - رحمه الله - من غير زيادة ولا نقص.
وأنت تشعر من قول ابن الأثير: "من غير زيادة ولا نقص" أنه يخفى وراءها شيئاً ما! أما الذي يخفيه ابن الأثير وراء هذه الكلمة فهو أمران:
أولهما: أنه وإن لم يزد على ما قاله ابن جنى؛ فلقد ترك مما قاله أمثلة أخرى، كقول النبي صلى الله عليه وسلم في الفرس هو بحر، والأبيات الأخرى التي أضافها على الآية الكريمة، والحديث النبوي الشريف، ولكنه انتقى الآية الكريمة ليتأتى له الرد على ابن جنى بما سنورده لك، كما أنه قد ترك حرفاً واحداً هو الكاف من عبارة ابن جنى:(كأنه زاد في أسماء الجهات والمحال اسماً هو الرحمة)، لكي يتحقق له غرضه من رده!
والآخر: هو أنه يريد نقد ابن جنى ليسلم له التقسيم الذي وضعه، وأنه أتى بتقسيم لم يسبق إليه!