للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذلك أن هذا ليس مما يُتَّقَى ويُجتنب، ولم أفعله لخصوصٍ فيَّ. فلو كان البقاء على الإحرام هو الواجب في الأصل، وإنما وقعت الرخصة خاصة في وقت خاص= لم يتغيَّظ مثل هذا التغيُّظ.

الوجه الرابع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في هذه الحجة: «لتأخذوا عنّي مناسككم». رواه مسلم (١) من حديث جابر. ومعلوم أنهم إنما يأخذونها ليقتدوا به فيها، ويهتدوا بهديه، ويستنُّوا بسنته، فلو كانت تلك الحجة خارجة عن القياس، ومختصة بأولئك الرَّكْب، لم يجزْ أن يقال: «خذوا عني مناسككم» بل خذوا مناسككم (٢) إلا في التحلل أو نحو ذلك.

الوجه الخامس: أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفْتَوا بالفسخ بعده، ولو كان مختصًّا بذلك الركْب لم يخفَ ذلك عليهم، وقد تقدم ذكر ذلك عن أبي موسى الأشعري وابن عباس.

الوجه السادس: أنه لا موجبَ لاختصاصهم بها؛ وذلك لأنه (٣) إن كان المقصود بيان جواز الاعتمار في أشهر الحج، فقد بيَّن هذا باعتماره في ذي القعدة هو وأصحابه عمرة الحديبية، وعمرة القضية، وعمرة الجعرانة، فهو لم يعتمر قطُّ إلا في أشهر الحج. وإن كان المقصود بيان العمرة قبل الحج


(١) رقم (١٢٩٧).
(٢) «بل خذوا مناسككم» ليست في ق.
(٣) ق: «أنه».