دون نية المحرم وإلا لم يتركه النبي صلى الله عليه وسلم أن يسأل عنها.
قوله [فأهدى له حمارًا وحشيًا فرده عليه] لا بما فهم الشافعية من كونه صيد لأجل النبي صلى الله عليه وسلم بل ما أنه كان حيًا كما صرح به في هذه الروايات ووجه ذلك أنه لم يكن له علم لورود النبي صلى الله عليه وسلم ههنا من قبل وإنما صاد لنفسه ثم لما علم بقدومه الشريف أحضره وقد ورد في بعضها أنه كان يقطر منه الدم ولا يكون سيلان الدم في اللحم والعضو وإنما يسيل الدم من الحي، وأما ما ورد في بعضها أنه أهدى إليه لحمًا أو رجلاً فمجاز متعارف بينهم يقولون عندي شاة لحم أو شاة لبن كما يقولون عنده رأس بقر أو رأس فيل والمراد نفسه مع ما في رواية اللحم من ضعف.
[فلما رأى ما في وجهه من الكراهية قال ليس بنا رد عليك وأنا حرم] يعني لم يكن لنا افتقار إلى رده لشيء آخر وإنما رددناه لأنا حرم أو معناه ليس يليق بنا أن نرده إليك وإنما اضطررنا إلى الرد لأنا محرومون أو لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم على تأويل هؤلاء أن يسأله هل صدت لي حتى يرده أن قال نعم ويقبله لو قال لا فلما لم يسأل ورده مع ما رأى في وجهه من الكراهية وكان لا يحب أن يكسر قلب أحد علم أنه لا دخل للنية في ذلك بل الرد إنما كان لحياته ولو قال له أذبح ثم أرسله إلينا كان ذبحًا بأمره وصار حرامًا عليهم أجمعين.
قوله [لما ظن أنه صيد لأجله] ظن هذا الظن سوء بشأن خلقه وقد وصفه تعالى فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} أفلم يكن لهذا الظن مدفع وهو بمحضر من العصب بن جثامة فأي شيء منعه من التحقيق واكتفى بالظن مع ماله صلى الله عليه وسلم من تأكيدات على أمته في ما يوجب سرور المسلم حتى أمره بإفطار الصوم لأجله والصعب بن جثامة بفتح الجيم والثاء المثلثة المشددة.
[باب ما جاء في صيد البحر للمحرم]
ليس المراد إثبات جوازه بالحديث كيف وهو ثابت بقوله {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ