للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويراد بها معنى الأمر وهو لام التوكيل كما في قوله بعت له ثوبًا واشتريت له لحمًا إذا وكلت لهما فالمعنى ههنا محتمل للحمل على كليهما فلما تفحصنا الروايات الأخر علم أن المراد باللام ههنا هو المعنى الثاني دون الأول لئلا تتعارض الآثار ويحصل العمل بكل من الأخبار.

قوله [وأقيس] هذا غير مسلم إلا إذا حمل اللام على التوكيل لأن الروايات لا تتخالف حينئذ قوله [تخلف مع بعض أصحاب له محرمين وهو غير محرم] ووجه عدم إحرامه أنه لم يكن أتى (١) بقصد مكة بل وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة داخل الميقات فلم يكن عليه أن يحرم لأنه ضار حكمه حينئذ حكم من هو داخل الميقات ويمكن أن يكون وجه عدم إحرامه أن ميقات المدنيين ميقاتان (٢) وبينهما تفاوت ويجوز لمن مر على الأولى منهما أن يحرم من الأخرى فهذا أبو قتادة افتراه اصطاد الحمار لنفسه خاصة مع كبر جثته ما هو وكون أبي قتادة على سفر فليس اصطياده إياه إلا بنية أصحابه المحرمين إذا لم يكن معه أحد وهو غير محرم ثم لما أخذه فأكله بعض وامتنع عنه بعض لعدم علم المسألة فكان فعل كل منهما ظنًا وتخمينًا حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا سأل أبا قتادة هل صدته لهم أو لنفسك كما سأل عنهم هل أشرتم أو دللتم أو أعنتم فعلم أن الإشارة والدلالة والإعانة محرمة ومحرمة


(١) قال أبو بكر الأثرم: كنت أسمع أصحابنا يتعجبون من هذا الحديث فيقولون كيف جاز لأبي قتادة أن يجاوز الميقات وهو غير محرم ولا يدرون ما وجهه حتى وجدته في رواية من حديث أبي سعيد فيها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في وجه الحديث، قال فإذا أبو قتادة إنما جاز له ذلك لأنه لم يخرج يريد مكة هكذا في البذل.
(٢) ذو الحليفة والجحفة فإن الأول ميقات أهل المدينة حقيقة وبينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة والثاني ميقات أهل الشام لكنه في طريق المدينة إلى مكة بينها وبين المدينة ست مراحل كما في البذل.

<<  <  ج: ص:  >  >>