شكل ٥ - ٩: شمعدان للسلطان قلاوون (من تصوير بريس الأفيني).
الوسطى، ويُدَرَّسُ في الجامع الأزهر علمُ الحساب والهندسة والفلك والنحو والأدب والبيان والمنطق، وذلك عدا تلاوة القرآن وتفسيره.
وليس التدريس في المساجد مشابهًا لِمَا في جامعاتنا السابقة من حيث البرامج وحدها؛ بل نرى شبهاً بينهما في المناهج، وفي حياة الطلاب أيضاً، فلما قُيِّض لي أن أجوب الجامع الأزهر في أثناء دروس أساتذته رأيتُني قد انتقلت، بعصا سحرٍ، إلى إحدى جامعاتنا القديمة في القرن الثالث عشر، فتمثل لي ما كان فيها، كما في الجامع الأزهر، من التشويش في دروس علم الكلام ودروس الأدب، وتَمَثَّل لي ما كان فيها مثلَ ما في الجامع الأزهر من المناهج، ونُظُم جمعيات الطلاب، وتمتُّعهم بالحرية والإعفاء.
ويجلس كلُّ أستاذ على حَصير في أكبر رواق من الجامع الأزهر، وهو المُصلَّى، وتحيط به حلقةٌ من التلاميذ اللابسين الجِبَابَ السُّودَ والعمائم البيض، والحاملين أقلاماً قصبية؛ ليكتبوا بها ما يُملَى عليهم، والمُدخلين محابر إلى زنانيرهم، ويُنفق الجامع الأزهر على الفقراء من تلاميذه ويُسكنهم حُجُراته.
وقد رأيت جميع أولئك الشبان جادِّين في أعمالهم مجتهدين في دروسهم، ومنهم من أَتَى لِنَيْل العلم من الهند ومن مراكش؛ فالعلم الذي استهانت به الأديان الأخرى