للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما سبق عن القاضي أقرب وأحسن من هذا، فتأمّله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

وقال الطيبيّ رحمه الله تعالى: قوله: "رأس الكفر نحو المشرق": نحو قوله: "رأسُ الأمر الإسلام"، أي ظهور الكفر من قبل المشرق، والمراد باختصاص المشرق به مزيد تسلّط الشيطان على أهل المشرق، وكان ذلك في عهده - صلى الله عليه وسلم -، ويكون حين يخرج الدجّال من المشرق؛ فإنه منشأ الفتن العظيمة، ومثار الْكَفَرة التُّرْك. انتهى.

(وَالْفَخْرُ) بالخاء المعجمة: هو الافتخار، وعَدُّ المآثر القديمة تعظيمًا، ومنه الإعجاب بالنفس (وَالْخُيَلَاءُ) بضم الخاء المعجمة، وفتح التحتانيّة، والمدّ: أي الكبر، واحتقار الغير، وقال الراغب: "الْخُيلاء": التكبّر عن تخيّل فضيلة تراءت للإنسان من نفسه، ومنها يُتأوّل لفظ الخيل؛ لما قيل: إنه لا يركب أحدٌ فرسًا إلا وَجَد في نفسه نخوة، والخيل في الأصل اسم للأفراس والفُرسان جميعًا. انتهى. (فِي أَهْلِ الْخَيْل، وَالْإِبِل، الْفَدَّادِينَ) أي الذين يُعلون أصواتهم في حروثهم، ومواشيهم، وقد تقدّم أقوال أهل العلم فيه فلا تغفل.

وقال الخطابيّ: إنما ذُمّ هؤلاء لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه عن أمور دينهم، وذلك يقتضي قساوة القلب. انتهى (١).

وقوله: (أَهْلِ الْوَبَرِ) بالجرّ بدل من "أهل الخيل"، وهو بفتحتين: للبعير كالصوف للغنم، وهو في الأصل مصدرٌ، من باب تَعِبَ، وبعيرٌ وَبِرٌ بالكسر: كثير الْوَبَر، وناقةٌ وَبِرَةٌ، والجمع أوبار، مثلُ سبب وأسباب، قاله الفيّوميّ (٢).

وقال أبو عمرو بن الصلاح: فالوَبَرُ، وإن كان من الإبل دون الخيل، فلا يمتنع أن يكون قد وَصَفَهم بكونهم جامعين بين الخيل والإبل والوبر. انتهى (٣).

وقال الحافظ في "الفتح": قوله: "أهل الوبر": أي ليسوا من أهل المدر؛ لأن العرب تعبّر عن أهل الحضر بأهل المدر، وعن أهل البادية بأهل الوبر، واستشكَلَ بعضهم ذكر الوبر بعد ذكر الخيل، وقال: إن الخيل لا وبر لها، ولا


(١) "فتح" ٦/ ٤٢٤.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٤٦.
(٣) "الصيانة" ص ٢١٩.